للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على هذه المسألة جدير بالنظر، ومن الواضح أن مرجعه الأكبر فى ذلك هو فخر الدين الرازى الذى زاد الزبيدى من طابعه الكلامى، إذ نقل شواهد من مؤلفه "الملخص" ومن كتابه "السر المكتوم" وهذان الكتابان ما زالا مخطوطين (Gesch. d, Arab. Litt جـ ١، ص ٥٠٧) كما نقل أيضا من كتاب مسلمة المجريطى (توفى سنة ٣٨ = ١٠٠٧ م؛ Gesch d, Arab Litt جـ ١، ص ٣٤٣) المعروف باسم "غاية (أو نهاية) الحكيم"، وما زال هذا الكتاب أيضا مخطوطا. على أنه مهما يكن من أمر الخطة الصارمة التى استنها الغزالى نفسه بكل ما له من تأثير عظيم، الخطة التى رأى أن يسير عليها الناس فى الحياة لتطهير نفوسهم وصونها واعتمد عليها كل الاعتماد فى تأليف كتابه الإحياء، فإن جماهير المسلمين ربما لم يلتزموا هذه النظرة إلى الحياة. وقد ظل الموقف الذى يتجلى فى الفهرست بأجلى بيان بالنسبة للسحر المشروع والسحر غير المشروع باقيًا على حاله، ومن ثم أمكن السحرة الذين يلتزمون الشرع أن يحتجوا بأن فنهم الذى أخذوه عن سليمان نبى اللَّه عليه السلام لا يخالف السنة بل لا يخرج عن حدود التقى. وقد كانت الحدود بين السحر المشروع والسحر غير المشروع وما تزال غامضة أشد الغموض، وهى فى ذلك تماثل الغموض الذى يكتنف موقف الأرواح فى الإسلام الذى يقول إن طائفة منها مؤمنة، كما أن العلاقة بين الشياطين والجن غير محددة، بل نحن نجد كتبا تقول إن حفيدًا لإبليس كان مؤمنًا. زد على ذلك أن المتكلمين قد ألفوا أن موقف الغزالى تكتنفه الصعوبات. فقد بينوا أن ممارسة السحر الذى يقصد به إلى الأغراض الضارة هى وحدها التى يمكن أن نسميها أمرًا مذموما؛ هذا من جهة. وأما من الجهة الأخرى فإن معرفة السحر أمر جوهرى لكل من يريد أن يميز بين أثر السحر وأثر معجزات الأنبياء بل أثر كرامات (. . .) الأولياء (البيضاوى، طبعة فليشر، جـ ١، ص ٧٦؛ الرازى: مفاتيح الغيب، القاهرة ١٣٠٧ هـ، جـ ١، ص ٤٣٤، س ٧ من أسفل الصفحة وما بعدها) والمادة الوحيدة المطبوعة التى لدينا عن موقف