ومن ثم فهو أكثرها ارتفاعا ولا يتصل بأعلى السراة نفسها، وبين الأكناف الغربية (الأوسط؛ الغور؛ أسفل السراة)؛ وفى رواية لسعيد بن المسيب:"أن اللَّه تعالى لما خلق الأرض مادت فضربها بهذا الجبل السراة"؛ ومتوسط ارتفاع السراة ٨٥٠٠ قدم؛ وأعلى جبالها فى الشمال الغربى جبل ديباغ (٧٢٠٠ قدم)، وفى الجنوب الغربى سلسلة من قمم الجبال يصل ارتفاعها إلى ١٠٠٠٠ قدم. وثمة جبال من السراة يزيد ارتفاعها عن هذه السلسلة مثال ذلك جبل النبى شعيب عبد السلام الذى يغطيه الجليد شتاء فى كثير من الأحيان (١٠٨٠٠ قدم)، وهو أعلى قمم السراة، ويكون جزءا من صخرة المصانعة الضخمة وتتألف سلسلة الجبال كلها من صخور رسوبية ومن طبقة سفلية من الصوان والصخر البللورى ومخروطات بركانية عدة كثيرًا ما تتخللها سهول واسعة تتناثر فيها الحمم السوداء التى تعرف بالحرة فى شمالى شبه الجزيرة، وبال "فَيْش" فى جنوبها؛ وفى الغرب تنحدر سلسلة الجبال انحدارا وعرا حتى تبلغ تهامة، وهى سهل ينحدر من ارتفاع ٢٣٠٠ قدم حتى يوازى سطح البحر، وترتفع منها تضاريس بركانية حديثة اتخذت شكل القمم؛ أما فى الشرق فتنحدر انحدارا رفيعا حتى تبلغ الخليج الفارسى ولا نتبين من السراة بوجه عام أى تناسق ملحوظ فى الاتجاه، بل هى سلاسل من الجبال كبيرة وصغيرة تتقاطع فى جميع الاتجاهات. والسراة خالية من الأشجار عامة، لا يسر مرآها الناظرين، وفيها خوانق وأخاديد وقمم وقق من الصخر الأسود، وكلها مستديرة حادة أو مسننة تتخذ جميع الصور الممكنة، إلا أنها جرداء فى جميع الأحوال؛ وثمة قرى جبلية عالية على مرتفعات يكاد يتعذر على المرء بلوغها تتألف من بيوت من الحجارة من دورين إلى خمسة أدوار، مربعة حينًا ومستديرة حينا آخر، وتتكون منها حصون مستقلة بذاتها تبدو غريبة أحيانا، وتحيط بها وهاد مخيفة من جميع النواحى؛ وتؤدى إلى الأبواب الضيقة التى توصل إلى القرى طرق خطرة ومسالك للرجالة والدواب فحسب تكاد لا تظهر على الصخر.