وثمة حقول جيدة الزرع على المنحدرات وفى الوديان، وشرفات بذل الجهد فى إنشائها على سفح المنحدر كأنها الدرجات تهبط إلى الوادى. أما التربة المباركة فقد تحفظوا عليها بإقامة سور من حجارة كبيرة لا يمسكها الطين إلا نادرا إذ لم يكن للجير وجود عند القوم، وقد أحكمت إحكاما حتى لا تكتسحها الريح؛ وينتفع بمياه الأمطار انتفاعًا تامًا لرى هذه البقاع، وهى تجرى من الشرفات العليا إلى الشرفات السفلى؛ وتحمى الأشجار الوارفة الظل هذه الحقول من قيظ الشمس، ويزرع فيها أحسن بن فى العالم، وكذلك ينبت فيها العنب وقصب السكر؛ وكثيرًا ما تقطع السهول العريضة سلسلة جبال السراة الممتدة، مثال ذلك سهل صنعاء الذى يسير ١٥ ميلا إلى الجنوب و ٧ أميال إلى الشمال، ويمتد اللسان الجنوبى لهذا السهل بعد انقطاع وجيز فى "نقيل الَيْسلَح" حتى يدخل سهل ذمار الواسع، وهو أخصب بقاع اليمن وأوفرها ماء.
والأصل فى السراة هى الانفجارات البركانية العظيمة التى أحدثت الأغوار الأريثرية فى الحقبة الثلاثية الأولى (Tertiary)، ونشأ منها الصدع العظيم الذى مادت فيه صحراء بلاد العرب برواسبها الأفقية التى لم تكن قد مست بعد، ثم أخذت عوامل الجور وعوامل التعرية بفعل الرياح وبفعل المياه الجارية فى إظهار أثرها على المنحدر الغربى الشديد الوعورة للسهل المرتفع فأحالته إلى سلسلة من جبال التعرية أو النجاد يمكن تقسيمها إلى مجموعة من وديان داخلية وأخرى خارجية، وقد شقتها أودية عدة تجرى فى المنحدرات الغربية من الشرق والشمال الشرقى إلى الغرب، وتجرى فى الناحية الجنوبية مستقيمة من الشمال إلى الجنوب والجنوب الشرقى. وتقطع النجاد إلى أشباه جزائر تشبه اللسان تعود فتقطعها الأودية الصغرى، ولعل أصلها يبلغ فى قدمه قدم العصر النهرى؛ وقد حولت هذه الوديان الجانبية أشباه جزائر السراة إلى جبال تعرية أو سلاسل جبال كان لها نصيب فى تشكيل الجبال بأشكال غاية فى التفاوت، وهى الجبال التى تدين بوجودها بعض الشئ إلى القوى