الأولى للهجرة، وقد كان من أندر الأشياء أن نجد ذكرا فى بلد من البلاد لما يسمى "الفوطة" للبس بدلا من السروال كما فى الهند مثلا. وكلمة فوطة هندية الأصل، وهى قطعة من النسيج البسيط غير مخيطة يمسكها الحزام من الأمام ومن الخلف. وكانت الفوطة التى من هذا القبيل، ونخص بالذكر الفوط التى كانت تأتى من اليمن، للبس أيضا فى الأقاليم التى درج النساء فيها على اتخاذ الفوط لباسا عاديا فى بيوتهن بدلا من السراويل (انظر ابن الحاج: كتاب المدخل، القاهرة ١٣٢٠ هـ، جـ ١، ص ١١٨).
وتختلف السراويل المشرقية فيما بينها اختلافا كبيرا باختلاف البلاد. ويوجد منها أنواع على كل سعة ممكنة، فمن سراويل فضفاضة إنما تلم فى نهاية الساق فوق القدمين، إلى سراويل محبوكة هى أقرب شئ إلى التبان. ولا جرم أن سماها الأوربيون بهذا الاسم. وتخللف السراويل فى الطول أيضا اختلافا كبيرا، فمن سراويل تبلغ إلى الركبة، وخاصة سراويل الجنود، إلى سراويل طويلة تصل إلى ما تحت القدمين، ولا يتوقف لونها على الزى الشائع (وكان هذا الزى أحيانا يقتصر على الألوان الطبيعية، ويندر أن يعتد فيه بالألوان الصناعية) فحسب، بل يتوقف أيضا على الاعتبارات السياسية، فقد كان اللون المفضل عند العباسيين مثلا هو اللون الأسود أما الفاطميون فكانوا يؤثرون اللون الأبيض أما من حيث المادة التى كانت تصنع منها السراويل، فقد كانت السراويل الحريرية من الخصائص التى اشتهر بها أهل فارس، وشاع فى مصر وما جاورها من البلاد صنع السراويل من الكتان المصرى الأبيض، وذكرت السراويل المصنوعة من الجلد الأحمر بوصفها لباسا للنساء فى سوق الأنوار بمصر الخ. .
كانت السراويل فى الشرق تلبس على خلاف مشارب الأوربيين ملاصقة للجسم تحت الملابس الأخرى (انظر