الجاحظ، كتاب التاج طبعة زكى باشا، ص ١٥٤ فى أسفلها: فالقميص والسروال شعار، والملابس الأخرى دثار تلبس فوق الشعار)، ولا تمسكها الحمالة بل يمسكها حزام خاص يربط حول الجسم يعرف بالتكة (والكلمة الحديثة دكة)، وكانت التكك تغطيها الملابس الأخرى فلا تراها الأعين، ومع ذلك كان القوم يسرفون كثيرا فى الإنفاق عليها، فيزينونها بالكتابات المنقوشة.
وكانت أثمن التكك وأشهرها تصنع فى أرمينية من الحرير الفارسى. وقد حظر الفقهاء لبسها، على أن كلامهم لم يجد صدى فى نفوس الناس إلا فيما ندر. وفى رواية المقريزى (جـ ٢، ص ٤) أن "ألف سراويل ديبقية بألف تكة حرير أرمنى" كانت جزءا من أملاك شريف من أشراف مصر (ابن خلكان، طبعة بولاق ١٢٩٩، جـ ١، ص ١١٠). وقد جهزت ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون بتكة محلاة بألف جوهرة عند زواجها. وكانت التكة تتخذ أيضا رمزًا للحب تبعث به السيدة إلى حبيبها.
كانت السراويل جزءا من لباس الجندى لأسباب عملية. فقد روى الطبرى أن الجنود الأمويين أنفسهم كانوا فعلا يلبسون سراويل مصنوعة من نسيج خشن يسمى "مسح" وتحتها تبان، أى سروال قصير جدا من الشعر. ولما سار المسلمون على سنة المشارقة الأقدمين من خلع ثياب التشرف على من ينعم عليهم كانت السراويل تدخل ضمن هذه الثياب. ولا جرم أن كانت هذه السراويل تعد أحيانا أثمن ما فى العطى. وكانت ثياب التشريف فى الأصل ليست ثيابا جديدة وإنما هى ثياب قديمة سبق أن ارتداها الواهب، ويجب أن يكون قد ارتداها مرة واحدة على الأقل.
أما من حيث اتخاذ السراويل لباسا رسميا أو كسوة من كسى التشريف، فقد كان للسراويل شأن بالغ الأهمية فى نقابات الفتوة عند المسلمين. ففى الحفل الذى كان يعقد بمناسبة قبول