للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عضو جديد فى النقابة، كانت شعيرة إدخال المريد فى الطريقة تقوم على ارتدائه "سراويل الفتوة" ويغلب أن تسمى "الفتوة" فحسب. وهنا أيضا يعنى القوم بأن يكون "الكبير" قد لبس السراويل من قبل، أو أن يكون قد بلغ فى لبسها ما يكفى لأن تمس ركبتيه على الأقل.

كان للسراويل فى بعض الأحيان مقام عند الفتيان يماثل مقام الخرقة عند الصوفية. وكان يقسم عليها باليمين (وهذا اليمين باطل فى راْى ابن تيمية)، وكان من الجائز أيضا أن توضع على الرنوك ومعها كأس.

وقد اكتسب لبس سراويل الفتوة معنى سياسيا خاصا فى ظل "مصلح الفتوة" الخليفة العباسى الناصر الذى حكيت عن خلعه السروال على من كان يخلعه عليهم بعض قصص حفظهالنا المؤرخون. فقد أوفد الناصر بعوثا إلى الدويلات التى كانت قائمة فى الشام وفارس والهند منبها أمراءها وأشرافهم إلى أنه يجب عليهم أن يلبسوا سروال الفتوة من أجل الخليفة. وقد فعل هؤلاء ذلك وسط شعائر مهيبة، وبذلك وضعوا أنفسهم تحت حماية الخليفة بوصفه أمير أمراء الفتيان. والظاهر أن الخليفة الناصر هذا قد وقف الحق فى منهج هذا التشريف على قليل جدا من الناس، وقد ادعى خلفاؤه أيضا هذا لأنفسهم، ولكن غير هؤلاء مارسوه، مثال ذلك السلطان الأشرف الذى حكم مصر بعد الناصر بقرنين من الزمان.

واضمحلت نقابات الفتوة، فانتحل غيرها من الجماعات ذات الأغراض السياسية أو غير السياسية شعائرها الظاهرة، واهتمت هذه الجماعات اهتماما خاصا بلبس السراويل. فقد ذكر ابن جبير منها نقابات اللصوص فى بغداد فى عهد المكتفى، وجماعة سنية سرية فى دمشق عرفت بالنبوية وكانت ميولها مناهضة للشيعة. على أنه لما اختفت "الفتوة" عاد الناس لا يفهمون المدلول الأصلى للسراويل وكونها شعارا يدل على الفروسية، وامتزجت خرقة الصوفية بخرقة الفتوة.