الحروب بين مخعلف القبائل، وهددت الفوضى البلاد، فى حين ظل خطر غزو النصارى مسلطًا عليها. ثم تدخل المرابطون لإشاعة السلام بتقسيم الدولة بين الحزبين المتنافسين، وتم لهم ذلك.
وقامت المنافسة بين الشريفين الأخويين، فاستولى محمد المهدى على ملك لم أحمد الأعرج ونفاه من البلاد، ثم استمر فى قتاله مع سلطان فاس، فاستولى الأول مرة على قصبته (٩١٧ هـ = ١٥٥٠ م) وكان بنو وطاس معتقلين فى تارودانت، بيد أن أحدهم، وهو بوحسون الذى كان يطالب بالعرش فيما سبق، والذى كان قد لجأ إلى أسبانيا ثم إلى الجزائر، أفلح فى حمل الترك على التدخل، واستولى بتعضيدهم على فاس ونودى به سلطانًا، بيد أن ذبح بنى وطاس فى تارودانت واغتيال بوحسون، جعلا من الشريف محمد سيدا على بلاد مراكش لا ينازعه فيها أحد، ودخل محمد فاس مرة أخرى حيث نودى به سلطانًا بلا نزاع ولا خلاف فى سنة ٩٥١ هـ (١٥٥٤ م) وكان هذا الأمير جم النشاط، ماهرًا أريبًا، أوتى القدرة على التنظيم مما يجعلنا نعده المنشئ الحقيقى لدولة بنى سعد، وقد تزود من التجارة ومن الاحتكارات الصناعية بموارد قصرت الحرب عن أن تمده بما يكفيه منها، وأمدته إنجلترة بالسلاح فى نظير تزويدها بمحصولات بلاده وسار خلفاؤه على سنته فى هذا الشأن. وقد أيد محمد أيضا سياسة أسبانيا المناهضة للترك فكلفه هذا حياته، ذلك أن الترك اغتالوه فى سنة ٩٦٥ هـ) (١٥٥٧ م)، وخلفه ابنه عبد اللَّه الملقب بالغالب، فنهج نهج أبيه، حاول أن يمد من نفوذ الحرب الدينى المتغلغل فى البلاد، وتوفى سنة ٩٨١ هـ (١٥٧٤ م) واضطر ابنه محمد المتوكل ذودا عن عرشه إلى قتال عميه عبد الملك المعروف بمولاى ملوك، وأحمد. وكان من النادر عند وفاة سلطان من سلاطين مراكش أن يتفق علماء فاس وعلماء مراكش على المناداة بشخص