واحد خليفة له. وكان الترك إذا أيدوا مطالبا بالعرش، أهرع الآخر إلى الاستنجاد بالنصارى، وكانت هذه ضرورة أمنتها صعوبة الحصول على الإمدادات العسكرية. وكان ثمة سبب هام آخر يدعو الترك إلى التدخل فى شئون مراكش وهو ادعاء أشراف هذه البلاد بأنهم دون سواهم أصحاب الحق الشرعى فى الولاية على المسلمين بوصفهم أشرافًا انحدروا من نسل النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وكان لهذا الادعاء أهمية كبرى فى نظر سلاطين الترك فى استانبول.
وتابع النصارى سياستهم الرامية إلى احتلال الساحل، فانتهزوا فرصة الاضطراب الفاشى فى البلاد ليحملوا القوم على التنازل لهم عن الثغور. ولم يكن للسلاطين سياسة دينية مرسومة، ولذلك تمكن الحزب الدينى من أن يزيد فى سخط أهل النواحى المختلفة فى بلاد المغرب على سلاطين هذه البلاد وإيقاع الفرقة بينهم وبين هؤلاء السلاطين. وكانت القبائل العربية والقبائل البربرية التى لم يستتب الوئام بينها قط، تعضد هذا المطالب بالعرش حينا وذاك حينا آخر. وكان الترك، شأنهم فى ذلك النصارى، يتقاضون أجرًا باهظا عن خدماتهم فيمدون أحيانا عدة أمراء متنافسين فى وقت واحد ليزيدوا جيرانهم ضعفًا على ضعف.
وقد نودى بمولاى ملوك سلطانًا على مراكش بتاييد أتراك الجزائر، إلا أن محمدًا المتوكل هاجمه بمعاونة البرتغاليين، فنشبت وقعة مشهورة فى واد مخازن (واقعة الملوك الثلاثة) قتل فيها دون سبستيان ملك البرتغال وحليفة محمد المتوكل ومولاى ملوك جميعا، ومن ثم نودى بأحمد الذى كان يطالب بالعرش فيما سبق سلطانا على مراكش بتاييد الترك (٩٨٦ هـ = ١٥٧٨ م).
وأحمد هذا معروف باسم أحمد المنصور أو أحمد الذهبى. وقد ظل على علاقة طيبة بالأتراك. وانتهز فرصة الهدنة التى عرضها عليه البرتغاليون