سعد وقعتى بدر وأحد فحسب بل شهد أيضًا الوقائع التى تلتهما. وقد حدث أن أحس المثنى بن حارثة الذى كان يتولى إمارة جيش المسلمين فى الحيرة بعد رحيل خالد بن الوليد، بالخطر على الجيش من قيام معركته بينه وبين الفرس، فلما طلب المدد من الخليفة عمر اتجه رأى الخليفة أول الأمر أن يتولى قيادة الجيش بنفسه، ولعله كان يرمى من وراء ذلك إلى إثارة حماسة المسلمين. على أنه رجع عن ذلك فى النهاية وولى عليه سعدا. وقد جاء فى رواية أن الذى حمله على ذلك هو أن جريرا بن عبد اللَّه البجلى الذى كان قد أنفذ بالفعل إلى العراق ليشد أزر المسلمين المرهقين، لم يكن ليرضى أن يكون تابعا للمثنى البكرى. صحيح أن المثنى البدوى الذى لم يدخل فى الإسلام إلا بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كان مشهودًا له بالشجاعة والمقدرة إلا أننا إذا نظرنا إلى ما عرف عن القبائل العربية من تنافس فيما بينها فإننا نرى أنه كان فيما يرجح أقل جدارة من سعد بإمارة الجيش، ذلك أن سعدًا كان ينتمى إلى أسرة مكية قديمة، كما اشتهر بأنه كان من أخلص أتباع النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وتقدم سعد صوب الفرس فى جيش كثيف وعسكر فى القادسية على التخوم بين بلاد فارس وجزيرة العرب. وقد نشبت فى هذا الموضع (ولعل ذلك كان فى النصف الأول من سنة ١٦ هـ أى فى صيف عام ٦٣٧ م) معركة كبرى يقال إنها دامت عدة أيام. وقد أسهب مؤرخو العرب كثيرا فى ذكر تفاصيل هذه المعركة. وحال المرض بين سعد وبين الاشتراك فيها بشخصه. ولم يجد بدًا من أن يوجه القتال كله على نحو يخالف بعض المخالفة السنة التى درج عليها العرب. وما إن خر رستم قائد الساسانيين صريعًا حتى انتهت المجزرة بانهزام الفرس هزيمة منكرة، وأصبح سعد عندئذ سيد العراق العربى بأسره. ثم إن الفرس لم يستطيعوا