للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أيضًا أن يثبتوا فى المدائن قصبة الولايات الشرقية لدجلة طويلا. فقد اضطر الملك الساسانى الشاب يزدجرد إلى الفرار وتخلى عن قصبته لسعد. ولما دخل سعد المدينة غنم غنائم لا حصر لها، واتخذ منها مقرًا لقيادة جيشه إلى حين. وفى نهاية هذه السنة نفسها أنزل ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبى وقاص هزيمة أخرى نكراء بالفرس عند جالولاء.

وإلى هذا العهد أيضًا يرجع تشييد مدينة الكوفة. وكذلك يرجع الفضل إلى سعد فى إقامة معسكر حربى قوى هناك أصبح بمرور الزمن مدينة ذات شأن. وأقيم سعد واليا على هذه المستعمرة التى كانت تزدهر بسرعة. والظاهر أنه لم يحفل كثيرا بإصرار الخليفة عمر على الأخذ بالبساطة التى كانت سنة العرب من قديم. ومهما يكن من شئ فقد ورد فى الأخبار أن سعدًا شيد قصرا فخما فى الكوفة على غرار طاق خسرو فى المدائن. فلما سمع عمر بذلك، وكان يخشى ما يحدثه الترف المعروف عن الفرس من أثر سئ فى عادات العرب البسيطة، بعث فيما يقال إلى سعد لومًا شديدًا، بل عمل على أن يحرق القصر بيد محمد بن سلمة. وأقيل سعد من منصبه فى تاريخ مبكر يرجع إلى سنة ٢٠ هـ (٦٤٠ - ٦٤١ م) لأن أهل الكوفة المشاغبين المتقلبى الأهواء الذين كانوا خليطا من جميع العناصر عربا وفرسا ويهودا ونصارى اتهموه بالجور والطغيان. على أنه لما ظهر محمد بن مسلمة فى الكوفة موفدا من قبل الخليفة للتحرى عن سلوك سعد فى ولايته، لم يجسر إلا رجل أو رجلان على المجاهرة بعداوته. ومع ذلك أقيل سعد، وأقيم مكانه عمار بن ياسر، ولم يبق عمار فى منصبه إلا وقتا قصيرا ثم خلفه المغيرة بن شعبة. على أن خدمات سعد العسكرية والإدارية الكبرى قدرها عمر حق قدرها. ذلك أنه عندما عهد وهو على فراش الموت إلى ستة من أخلص صحابة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] باختيار خليفة للمسلمين فى خلال ثلاثة أيام، اختار عمر سعدا وجعله أحد مشيريه، بل يقال إنه أبدى أيضًا أنه إذا لم يبايع سعد بالخلافة فإنه يوصى