سنويا، وبذلك بلغت ثروته آخر الأمر حوالى مائتى دينار.
ويذكر ابن قتيبة (كتاب المعارف، طبعة فستنفلد سنة ١٨٥٠، ص ٢٥٠) أن أمواله عند وفاته بلغت ما يقدر بمائة وخمسين دينارًا من السلع. غير أن سفيان لم يكن آمنا على نفسه من اضطهاد رجال البلاط فى بغداد حتى وهو يقيم فى اليمن؛ فقد كانوا يتحرون عنه، فغادرها إلى مكة. وأمر الخليفة أمير مكة محمد بن إبراهيم عام ١٥٨ (وهو العام الذى خلف فيه المهدى المنصور، ومن ثم تختلف المصادر أيهما أصدر هذا الأمر) أن يطلبه "يطلبه" وهذه العبارة هى التى وردت فى معظم المصادر، وفى النووى، تهذيب الأسماء، طبعة فستنفلد ١٨٤٢ - ١٨٤٧, ص ٢٨٧, وابن حجر: تهذيب التهذيب؛ ١٣٢٥ هـ، جـ ٤، ص ١١٤ أن الخليفة المنصور أمر بعض تجار الخشب وكانوا ذاهبين إلى مكة أن يصلبوه (فاصلبوه)؛ ومن المؤكد أن هذا القول من الخليفة ليس مجرد خطأ وقع فيه الناسخ ولكنه يدل على قصة أخرى). على أن الأمير لم ينفذ أمر الخليفة بل حذر سفيان كما يقول ابن سعد (الموضع المذكور) فبادر إلى الاختفاء، فى حين يذكر الطبرى (جـ ٣، ص ٣٨٥ وما بعدها) أن الأمير كان قد سجن سفيان ولكنه عاد فأطلق سراحه. والقصة كلها قد أدخلت عليها فى الروايات المختلفة تفصيلات تهم من يدرس الحياة فى ذلك العهد. ومهما يكن من شئ فإنه يكاد يكون من المؤكد أن سفيان اضطر إلى الاحتماء بالكعبة هربا من مطارديه (ابن سعد، ص ٢٥٩). مع ذلك فإن سفيان قد وجد آخر الأمر أن الظروف فى مكة أصبحت أصعب من أن يطيقها، فرحل عنها إلى البصرة عند يحيى بن سعيد، وهناك أقبل عليه كثير من الفقهاء ليأخذوا عنه الحديث. واضطر أيضًا وهو فى البصرة أن يغير مكان إقامته طلبا للسلامة. وقد أشار عليه حماد بن زيد أن يسالم رجال الحاشية فى بغداد، فبدأ يتفاوض معهم بالمراسلة وكانت النتيجة طيبة، ولكنه مرض وتوفى، قبل أن يرحل إلى بغداد، بالغًا من العمر ٦٤ عاما. وكانت