وفاته فى شهر شعبان عام ١٦١ الموافق شهر مايو عام ٧٧٨ (عام ١٦٩ فى كتاب الذهبى السيوطى: طبقات الحفاظ طبعة فستنفلد سنة ١٨٣٣، جـ ١، ص ٤٥، رقم ٤٠، ولعل ذلك خطأ وقع فيه من تولى نشر هذا الكتاب على الحجر) ونخرج من ذلك بأن المصادر كافة تجمع على أن سفيان ظل مختفيا عن أصحاب السلطان حتى أدركته المنية. وقد توفى ولده الذى كان يؤثره على كل شئ قبل موته، وبذلك ترك ثروته كلها لأخته وولدها عمار بن محمد ولم يترك شيئًا لأخيه المبارك الذى توفى عام ١٨٠ هـ. ودفن سفيان ليلا كما جاء فى عدة مصادر. وذكر كثير من الجغرافيين قبره بالبصرة، ولم ير سفيان الكوفة مسقط رأسه منذ عام ١٥٠ هـ (انظر ابن حجر، الكتاب المذكور).
وهذا المجمل الذى ذكرناه عن سفيان هو كل ما نستطيع أن نقطع به فى سيرته. غير أن كثيرا من السمات الأسطورية وجدت طريقها إلى قصة حياته بالنظر إلى ما كان له من سلطان عجيب على النفوس، ويجب أن ننظر إلى هذه السمات بعين الشك حتى ولو لم تظهر عليها مسحة الاختراع أو بدت محتملة الوقوع من الناحية التاريخية. وأبين هذه السمات حديثه مع الخليفة المهدى الذى أورده ابن خلكان فى السيرة التى خص بها سفيان نقلا عن كتاب مروج الذهب للمسعودى (جـ ٦ باريس سنة ١٨٧١، ص ٢٥٧). ذلك أن هذا الحديث لا يستند إلى التاريخ، إذ من المحقق أن هذين الرجلين لم يلتقيا قط فى حياتهما، فضلا عن أن ثمة أسبابًا أخرى تدعو إلى عدم الثقة فى هذه الرواية. وسنناقش بعد ما روى عن سيرة سفيان بالنسبة للحركات العقلية المخللفة فى الإسلام، وهى الحركات التى زعمت أن سفيان كان يؤيد ما نادت به، والتى كان لها من ثم مصلحة كل التماس الصفات التى تتطلبها فى حياته.
أما فى ميدان الحديث فقد أثنى عليه الناس فى كل مكان الثناء المستطاب لما