للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أما والإشارات العارضة إلى الملاحة لابد أنها تستند فى الواقع إلى أساس من الأسس -زد على ذلك أننا لا نعلم شيئا عن قيام العرب [قبل الإسلام] بأى مشروع فى البحر على نطاق ما- فإن من الطبيعى أن نقول: "إن العرب قبل الإسلام لم يتوغلوا فى تجارتهم إلى أبعد من سواحل البحر الأحمر والخليج الفارسى" كما ذهب إلى ذلك فستنفلد (Nachrichten d. Gesellschaft Wiss Gottingen: Wustenfeld، سنة ١٨٨٠، ص ١٣٤) ويرى لامنس (La Mecque: Lammens ص ١٨٥ = ٣٨١) أنهم إنما كانوا يصيدون الأسماك على نطاق ضيق جدًا غير بعيد من الشاطئ، ويسلبون فى بعض الأحيان السفن الجانحة (انظر ما تقدم). أما من حيث "الواردات من الخارج" التى كانت تشاهد فى بلاد العرب فى ذلك الوقت فيرى يعقوب (Jacob كتابه المذكور، ص ١٤٩). "أن السفن الأجنبية (وخاصة الحبشية والهندية) كانت على أية حال هى التى تفد على الثغور العربية أكثر من وفود السفن العربية إلى ثغور البلاد الأجنبية، وكانت الواردات تشمل سلعا أجنبية متعددة، فى حين لم يكن لدى بلاد العرب كما يؤكد فريتاغ Freytag (Einleitung ص ٢٧٦ وما بعدها) من المحصولات التى يمكن تصديرها بحرًا إلى البلاد الأجنبية إلا القليل.

على أن هذه الملاحظات تصدق قبل كل شئ على الحجاز وما جاوره من أراض، ولا يمكن أن تنطبق على جميع بلاد العرب بلا جدال، ففى هذا الإقليم بالذات بعض العوامل غير الملائمة للملاحة. وقصة السفينة الجانحة (انظر ما سبق) تبين بوضوح افتقار الجهات المجاورة لمكة إلى الأخشاب، كما أنه ليس على الساحل مرافئ جيدة أو كبيرة، ثم إن بعض المرافئ القديمة مثل Leukekome والجار وشعيبة قد هجرت تماما فيما بعد.

وكان البحر الأحمر مرهوب الجانب لعواصفه وشعابه وخاصة فى الشمال