إلى أن السفن الصينية كانت فى الأزمنة القديمة تتردد على عمان والبحرين والأبلّة والبصرة، كما أن سفنا من هذه الأقاليم كانت تتاجر مع الصين. ولدينا أيضا أخبار عن أسفار الأزد البحرية (انظر ما تقدم) ثم روايات متأخرة كثيرة عن رحلات جريئة قام بها تجار عمان ومن ثم لا عجب أن تكون الرحلات المتقدمة للمسلمين إلى الهند قد خرجت من هذا الإقليم فى وقت كان يقوم على ولاية الشام فيه والتقدمى لم يجد بدًا من مناهضة رأى الخلفاء الذين عارضوا بعد إنشاء عمارة بحرية إسلامية.
ولم يكتب العرب فيما نعلم تاريخا لرحلاتهم البحرية؛ ولكن الإشارات إلى تلك الملاحة كثيرة بطبيعة الحال فى المصنفات التاريخية الكبرى وفى غيرها من الكتب. وحسبنا أن نتخذ مثالا أو اثنين مهمين من الأوائل: يرى فقهاء اللغة أن بكرة أم الصحابى يزيد بن الحكم كانت أول امرأة عربية تركب البحر (كتاب الأغانى، جـ ١١، ص ١٠٠). وأول مسلم قاد حملة بحرية هو كما جاء فى كتاب الخطط للمقريزى (جـ ٢، ص ١٨٩) العلاء بن الحضرمى الذى حاول غزو اصطخر من البحرين ولم يكتب لهذه المحاولة التوفيق (ويقال إنها كانت فى عام ١٩ هـ = ٦٤٠ م أعنى بعد نزول العرب بومباى، انظر ما سبق).
ويقال إن الحجاج الوالى الأموى كان أول من أنزل إلى الماء سفنا من الخشب المسمر المقير، فى حين كان الخشب قبل ذلك يشد بعضه إلى بعض بالحبال (الجاحظ: الحيوان، ص ٤١، ص ٥٠ وما بعده) وتعرف هذه السفن باسم السفن المخيطة وقد ذكرت فى عهود متأخرة حتى القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) على أنها سمة من سمات البحر الأحمر والمحيط الهندى.
وتختلف الأسباب التى تذكر فى تعليل هذا الطراز من بناء السفن، ولا بد أن تكون خرافة جبل المغنطيس لها صلة بهذا الطراز (انظر Mez كتابه المذكور، ص ٤٧٢ وما بعدها؛ Relation: Reinaud