لهذه الفلسفة الأخلاقية إذا صرفنا النظر عن بيانه لإمكان المواءمة بين الفلسفة اليونانية وبين الإسلام (انظر: R. Walzer Miskawaih's Tahdhib Al of ASPesTs som Akhlaq فى رومة سنة ١٩٥٦ م).
٨ - وقد لاحظ ده بور أثر الأخلاق الفلسفية فى كتب الأدب، واختار لذلك مثلا دالاً هو"كتاب أدب الدنيا والدين، للماوردى المتوفى سنة ٤٥٠ هـ (١٠٥٨ م) فقد عرض فيه الماوردى المادة الأخلاقية الماثورة وبعث فيها الحياة وجددها بإدخال مواد من القرون المتأخرة تشمل أفكارًا فى الفلسفة والزهد، وجمع بين هذه الأفكار وبين المواد القديمة على نحو لا يلتزم خطة أو منهجاً، ولكنه ساقها مساقاً لا يختلف عما انتحاه الغزالى من بعد (انظر الترجمة الألمانية لكتاب بقلم Rescher سنة ١٩٣٢ - ١٩٣٣ م)
٩ - وقد ذهب الغزالى المتوفى سنة ٥٠٥ هـ (١١١ م) فى طريقة المزج هذه إلى مدى أبعد من ذلك بكثير وأوثق صلة بالجوهر، ذلك أنه استبعد من جهة العناصر الشكلية والسطحية المحضة من عناصر التراث الأدبى، وأقام بيانه من جهة أخرى على أساس متين من التحليل الروحى النافذ الذى نمَّاه أئمة الصوفية (انظر القسم ٢، الفقرة ٣ فيما سبق). ومن الواضح أنه رأى فى الوقت نفسه أن كتاب مسكويه معقول فى ذاته مؤيد بالبرهان، ويسلم بأن ما جاء فيه لا يتعارض مع الكتاب ولا مع السنة. ومن ثم أصبحت الأفكار الفلسفية اليونانية الأصل التى يناقشها مسكويه ويشرحها جزءاً من المذهب التهذيبى المقرر بصفة عامة الذى نجده فى إحياء علوم الدين. ويعتمد الغزالى فى كتاب رياضة النفس -وهو الكتاب الثانى من المربع الثالث من الاحياء- على تهذيب الأخلاق لمسكويه. وأثر مسكويه واضح أيضاً لا يخطئه النظر فى غير ذلك من كتب الغزالى، كما أن مذهبه فى الأخلاق قد اندمج آخر الأمر فى صميم التراث الدينى (انظر: A-٧ - Wensinck؛ Pencee de Ghazal، باريس سنة ١٩٤٦ م، وخاصة الفصل الثانى؛ . m