وقيام مذبحة عامة؛ وتم احتلال القاهرة، فأستانف سليم -وكان قد ضرب خيمته فى جزيرة بولاق- قتاله مع طومان باى؛ وكان طومان باى قد ارتد إلى الدلتا وحاول المقاومة مستعينا بالبدو، إلا أنه هزم هزيمة أخرى فى الجيزة فخانه حلفاؤه وسلموه إلى الترك؛ وعامله سليم أول الأمر معاملة كريمة، ولكنه أذعن فى النهاية لإلحاح خائر بك والغزالى فأمر بقتله فى ١٢ أو ١٣ أبريل.
واعترف لسليم بأنه سيد مصر بلا منازع وبقى فى القاهرة شهرا، ومن أهم الوفود الكثيرة التى جاءت تعرب له عن ولائها وفد بعث به بركات شريف مكة، ذلك أنه أرسل وفدا على رأسه ابنه نمى محمد، وكان وقتذاك فى الثانية عشرة من عمره، واستقبله السلطان حوالى أواخر مايو، ولم يكن لدى الشريف من الأسباب ما يدعوه إلى موالاة السلاطين المماليك فخضع عن طيب خاطر للسطان العثمانى، وكان السلطان أثناء إقامته فى دمشق قد أعرب عن جزعه على الأماكن المقدسة وأبدى بركات استعداده لذكر اسم السلطان سليم فى الخطبة، وعاد أبو نمى محملا بالهدايا الثمينة، وفى شهر ديسمبر (ذى الحجة سنة ٩٢٣) حملت قافلة الحجيج (صره همايون)، وكان سليم قد بعث بها من دمشق، كسوة للكعبة للمرة الأولى، هدية من السلطان العثمانى؛ وقد حمل سلاطين آل عثمان منذ ذلك الوقت لقب خادم الحرمين الشريفين، وهو لقب (١) أضفى عليهم احتراما كبيرا فى العالمين الإسلامى والمسيحى، إلا أن سليما بالرغم من جزعه على الأماكن المقدسة، قد عنى بأن يحمل معه إلى الآستانة عددا من أعيان الحجاز المقيمين فى القاهرة رهائن.
وكان ثمة وفد آخر له شأن يتألف من سفيرين من البندقية جاءا يفاوضانه فى أمر أداء الجزية عن جزيرة قبرص، وهى الجزية التى كانت تؤدى حتى ذلك الحين لسلطان مصر؛ وكان لزاما عليهما إلى جانب هذا أن
(١) حتى سقوط الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى [م. ع]