الاعتمادات المالية المعدة لهذه التجديدات ازديادًا مطردًا بفضل هذه الدخول وغيرها، وألفت الكتيبة الأولى من الجيش النظامى الجديد من البستانجية سنة ١٧٩٢، وكان الغرض من إنشائها حماية منشآت المياه الكبرى الخاصة بقصبة البلاد قرب البحر الأسود فى قرية بلغراد كوى، حيث كان القوم يخشون من وقوع غزو روسى فى ذلك الوقت، وشيدت الثكنات الكبيرة لهذه الكتيبة فى لوند جفتلك، وكان جنودها يتدربون فيها، ولو أنه قد ثبت أن الحصول على متطوعين أمر شاق عسير. وتلا تشييد هذه الثكنات التى كانت تعد المحاولة الأولى فى هذا الشأن بناء عمارة أكبر فى إسكودارة حيث قام حول ثكنات سليمية العظيمة ما يشبه أن يكون مدينة جديدة اشتملت على المساجد والحمامات لأجل الجيش الجديد؛ وكانت اللوائح الأخرى تتضمن تموين الجيش، وإلزام الإنكشارية بالطاعة والنظام، وإعادة تنظيم كتيبة الجبجى والمدفعية. وقد ساهم الفرنسيون مساهمة كبيرة فى إعادة تنظيم هذا الجيش، وقيل إن بونابرت كان قد فكر سنة ١٧٩٤ فى وضع نفسه على رأس المدفعية التركية، بل إن السفير الفرنسى دوباييه Dubayet جاء إلى الآستانة سنة ١٧٩٦ على رأس فرقة فرسان من رجال المدفعية. وامتد الإصلاح أيضًا فشمل تحسين حصون البوسفور وبناء سفن حربية جديدة بفضل إرشاد القبودان باشا كوجك حسين أخى سليم غير الشقيق وما أبداه من همة، كما شمل صنع البارود وتدريب الضباط؛ وكذلك أعيد تنظيم مدرسة الهندسة فى سودلجه بميناء الآستانة التى أنشئت فى عهد عبد الحميد الأول، بالاستعانة بالفرنسيين والإنجليز وافتتحت مدرسة جديدة للملاحة؛ وقد حملت التجارب المريرة، التى تمخضت عنها الحروب الأخيرة، الناس على أن يستجيبوا لكل تلك الإصلاحات، إلا أن حزبًا قويًا من الترك يتألف من الإنكشارية والعلماء كان يعارضها بطبيعة الحال، ومع ذلك فقد كان يؤيدها من العلماء من أوتوا حظا كبيرًا من الثقافة. وقد لزم أولو الأمر جانب الحيطة فلم يحشدوا عددا عظيمًا من الجنود الجدد على الضفة الأوربية