للبوسفور؛ ومما يلفت النظر أن مقاومة الإصلاحات كانت تقل فى آسية عنها فى أوربا كلما درجت هذه الإصلاحات فى سبيل التقدم، ذلك أن زعماء المتمردين فى أوربا كانوا يتخذونها ذريعة لامتشاق الحسام فى وجه الحكومة.
وقد يسرت فترة السلام التى شملت البلاد من سنة ١٧٩٢ إلى سنة ١٧٩٨ السبيل للقيام بهذه التدابير حتى أن زعيمى التمرد الكبيرين فى أوربا قد لزما الهدوء إلى حد ما وهما: بزاوان أوغلى، الذى كان قد تحصّن فى ودّين سنة ١٧٩٢، وعلى باشا تبدلنلى، الذى كان قد أصبح وإلى يانينا سنة ١٧٨٨ وجاء بالخذلان سنة ١٧٩٢ فى حملته الأولى على أهل جبال سولى. ونعمت الصرب بالإدارة السمحة فى عهد أبى بكر وحاجى مصطفى اللذين ولاهما الباشا عليها؛ وكان الباب العالى يعنى عناية كبيرة بعلاقاته بالدول الأجنبية فى هذه الفترة، ذلك أنه أرسل السفراء الجدد إلى بلاط الدول الأوربية، وأظهر الرئيس أفندى راشد المتوفى سنة ١٧٩٨ نشاطًا دبلوماسيًا عظيمًا فى الآستانة؛ وأثرت الثورة الفرنسية فى الموقف الدولى تأثيرًا متزايدًا، وكان لإعدام لويس السادس عشر وقع سئ وخاصة على سليم، فقد كان سليم يراسله حتى قبل ارتقائه العرش، ومع ذلك فإن رسل حكومة الثورة (Descorches) قد أفلحوا فى إثارة العطف عليهم حتى فى الديوان، مثال ذلك أنهم قالوا إنهم عادوا لا يعارضون المسلمين فى أمور الدين بعد أن أخذت فرنسا بمذهب العقل وكان لهم معاونون من ذوى النفوذ فى الآستانة، مثل دوسون المشهور Mouradgea d'Ohsson وكان وقتئذ مترجمًا سويديًا ثم سفيرًا للسويد من سنة ١٧٩٦ إلى سنة ١٧٩٩، وكاد هذا الرجل يفلح فى حمل تركية على إعلان الحرب على روسيا.
وتغير الموقف تغيرًا تامًا نتيجة الحملة الفرنسية على مصر، وحاول روفن Roffin ممثل فرنسا فى الآستانة عبثًا أن يطمئن الباب العالى من ناحية نيات حكومته السلمية، ولكن تركية أعلنت الحرب على فرنسا فى ٤ سبتمبر