وطردا الفرنسيين من الجزائر الأيونية فى مارس سنة ١٧٩٩، وكانت هذه الجزائر من قبل فى حوزة البندقية ثم تركتها النمسا لفرنسا بمقتضى معاهدة الصلح التى عقدت فى كاميو فورميو (١٧ أكتوبر سنة ١٧٩٧)، وقد جعلت تركية هذه الجزائر جمهورية تحت حمايتها هى وروسيا، وأفلح على باشا وإلى يانينا فى الوقت نفسه فى احتلال بعض موانى ألبانيا إلى حين، وظلت العلاقات مع روسيا متوترة بالرغم من التحالف الروسى، وقد عقد، بوساطة بروسيا، صلح ابتدائى مع فرنسا فى ٩ أكتوبر سنة ١٨٠١ اعترفت فيه فرنسا بسيادة الباب العالى على جمهورية الجزائر الأيونية السبع الجديدة، وأنفذ سبستيانى المشهور للمرة الأولى إلى الآستانة فى مهمة فوق العادة للتصديق على هذا الصلح الابتدائى. ولم يكن الباب العالى طرفًا فى معاهدة الصلح التى تمت فى أميانز وتأيدت بها النصوص نفسها (٢٧ مارس سنة ١٨٠٢)، ذلك أنه عقد فى يونيه صلحًا منفردًا مع فرنسا، وحاول الصدر الأعظم والقبودان باشا أن يعيدا النظام إلى نصابه فى مصر باستئصال شأفة زعماء البكوات المماليك، على أنهما لم يفلحا فى ذلك، فقد كان المماليك ينعمون بحماية البريطانيين، وعادا فى ديسمبر إلى الآستانة تاركين خسرو باشا واليًا على مصر متخذًا مقره القاهرة. وإنما جلا الجيش الإنجليزى عن مصر فى سنة ١٨٠٣ بعد أن عقد اتفاق فى التاسع من يناير من ذلك العام فى الآستانة بين السفير اللورد إلجين Elgin والرئيس أفندى تعهد فيه الباب العالى بالعفو عن المماليك.
وكذلك كان الموقف مضطربًا فى الداخل فى هذه السنوات التى زخرت بالأحداث، فمنذ صلح باسى أخذ زعماء قطاع الطرق (عثمان باشا) يلقون الرعب فى الرومللى، وكان يناصرهم بعض ذوى النفوذ فى الآستانة من مناهضى الإصلاحات وخاصة يوسف أغا رئيس ركائب "والده السلطان"؛ وكان بزوان أوغلى قد استولى فى سنة ١٧٩٧ على قسم كبير من بلاد البلغار، وباءت الحملة التى أنفذت لقتاله تحت إمرة القبودان باشا حسين بالخيبة، فلم