يجد الباب العالى بدا من الإذعان لمطالبه، واعترف به باشا من حملة الـ "توغات" الثلاثة، ولكن حدث بعد ذلك بقليل أن غزوا بزوان أوغلى الأفلاق (١٨٠١)، وكانت تحميه النمسا، ثم حاول الباب العالى أن يعيد النظام إلى نصابه بتولية على باشا وإلى يانينا بكلر بك على الرومللى (١٨٠٣) ولكن جهوده ذهبت بددا، واتهم على باشا بأنه على اتفاق مع بزوان أوغلى فعزل من منصبه، ثم عمد فى ديسمبر سنة ١٨٠٣ إلى استئصال شأفة أهل جبل سولى القليلى العدد، وانتفع الباب العالى انتفاعًا كبيرًا فى محاربته المتمردين الرومليين فى ذلك العام بالجنود النظاميين الجدد؛ وأتاح غزو بزوان أوغلى الأفلاق الفرصة لروسيا فتدخلت فى إمارات الدانوب؛ وقبل الباب العالى تحت الضغط الروسى أن يعيد النظر فى المستعمرات السابقة مما كان من شأنه زيادة الحكم الذاتى الذى تنعم به تلك الإمارات؛ ونصّب ابسسيلانتى Ypsilanti هسبودرا على الأفلاق كما عين موروزى Muruzi هسبودارا على البغدان، على أن يبقيا فى ولايتهما سبع سنوات (١٨٠٣).
وثارت المتاعب فى سنة ١٨٣٠ فى الصرب، وكان السبب فيها غزوات بزوان أوغلى وعودة زعماء الإنكشارية أو الدايات إلى مناصبهم، وكانوا قد طردوا من البلاد بعد الحرب التى نشبت مع النمسا. وقد تمخضت هذه الاضطرابات عن فتنة قام بها أمراء الصرب بقيادة قره جورج المشهور سنة ١٨٠٤، ولم يفلح الجيش التركى ولا سياسة الباب العالى فى إخضاع أهل الصرب فى السنوات التالية، فقد كان لهم منذ سنة ١٨٠٥ دستورهم الخاص بهم وأصبحوا سادة حصن بلغراد منذ ١٢ ديسمبر سنة ١٨٠٦؛ وفى عام ١٨٠٣ سقطت مكة فى يد الوهابيين (٣٠ أبريل)، بعد أن اعترفت شبه جزيرة العرب كلها تقريبًا بسلطان زعيمها عبد العزيز (انظر R. Hartmann فى Z.D.M ١٩٢٤ ص ١٩٥)؛ وحدث فى العام نفسه أيضًا أن تقدم محمد على الصفوف للمرة الأولى، ذلك أنه نصب واليًا على مصر سنة ١٨٠٤ بعد