الإسكندرية فى ١٧ مارس فقد هزم الإنجليز فى كل مكان على يد محمد على وأكرهوا على الجلاء عن البلاد فى سبتمبر.
وكان الموقف السياسى فى الداخل قد مر بأزمة خطيرة، ذلك أن الإصلاحات قد استؤنفت مرة أخرى بعد سنة ١٨٠٢، وصدر فى مارس سنة ١٨٠٥ "خط شريف" يقضى بفرض ضريبة عامة على أهل البلاد من أجل الجنود النظاميين، وانتهى ذلك بتمرد الإنكشارية جهرة واعتصموا فى أدرنة وقيرق كليسه؛ وأنفذت الحكومة لقتالهم الجيش النظامى فهزمهم هزيمة ساحقة فى أغسطس سنة ١٨٠٦، وكان من نتيجة ذلك أن أجلت الإصلاحات إلى حين؛ ولم يستفحل الأمر بفضل نفوذ المفتى صالح زاده أسعد أفندى، وقد حل إبراهيم حلمى باشا أغا الإنكشارية محل الصدر الأعظم حافظ إسماعيل باشا (وكان حافظ باشا قد خلف ضيا يوسف باشا سنة ١٨٠٥)، ولم يجرؤ الباب العالى حتى على إرسال الجيش النظامى لقتال الروس فى رومانيا.
ولم تؤد الوقائع التى فازت فيها تركية على إنجلترا إلى عودة نفوذ السلطان، بل كان الأمر على الضد من ذلك، إذ ازداد جزع المعارضة زيادة مطردة لما لمسته من نفوذ الفرنسيين خلال تحصين الآستانة، وواصل حزب الإصلاح عمله فى غير ما تظاهر أو تفاخر، إلا أنه دبرت مكيدة القصد منها خلع سليم عن العرش، وكان زعيماها موسى باشا (وهذا هو الاسم الذى ذكره جودت؛ أما Zinkeisen وغيره من الكتاب فيذكرون الاسم مسته باشا) قائم مقام الصدر الأعظم (وكان الصدر الأعظم نفسه قد خرج لقتال الروس)، والمفتى عطا اللَّه أفندى، فقد أثار الفتنة بين جنود الاحتياط الجفاة الغلاظ (ويقال لهم اليماق) الذين كانوا يعسكرون على البوسفور، ونشبت الفتنة فى ١٥ مايو سنة ١٨٠٧، ذلك أن هؤلاء الجنود رفضوا ارتداء الزى النظامى، وأقام قبقجى أوغلى قائد الثوار معسكره فى بويوك دره، وحدث فى الأيام التالية -وبينما كان موسى باشا والمفتى يهدئان من روع السلطان- أن أخذت الدعوة المناهضة له تنتشر