ورد ذكر أنبياء كثيرين فى القرآن الكريم، ولكن ليس على سبيل الحصر ولا التاريخ، بل على سبيل الوعظ بأحوال الأولين والتنبيه على سنن الله فى الأمم أجمعين. فقد ذكر الله تعالى أنه لم يحرم أمة من رسول فقال {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} وصرح بأنه دكر بعضا منهم وأغفل بعضا فقال تعالى: {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}، وبين فى أكثر من موطن أن أولئك الأنبياء والرسل كانوا رجالًا كسائر الرجال، وإنما خصّوا بالوحى لتعليم الناس وإرشادهم فقال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} وقال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أ} وقال فى خاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وقد كافح القرآن كل ميل كان فى الناس لتأليه انبيائهم أو الغلو فى تنزيههم، وقرر الأصوليون عندنا أن الأنبياء منزهون عن الكبائر دون الصغائر التى تبدر منهم بحكم بشريتهم فيتبعونها بما يمحو أثرها من استغفار أو صلاة أو أية قربة من القربات. كانت التوراة موردًا تستمد منه تواريخ كثير من الأمم التى كانت معاصرة لبنى اسرائيل، ولذلك جاء الكلام عنها مطبوعا بطابع الإسرائيليات وقد سرى إلى مؤرخينا شئ من الإسرائيليات وخاصة فيما يتعلق بتاريخ الأنبياء. وقد نصح نقدتنا بوجوب الحذر الشديد من الثقة المطلقة