من الرخاء والازدهار لم تر له مثيلًا إلا بعد ذلك بخمسمائة سنة أيام تيمور وخلفائه المباشرين. صحيح أن القصبة انتقلت إلى بخارى، غير أن سمرقند احتفظت لنفسها بالمكانة الأولى بصفتها مركز التجارة والثقافة وخاصة فى أنظار العالم الإسلامى.
والأوصاف التى وردت فى البكرى وابن حوقل والمقدسى إنما تشير إلى هذا العهد. ومنها يتضح أن سمرقند كانت مكونة من الأقسام الثلاثة المأثورة التى تنقسم إليها المدن الإيرانية (انظر barthold جـ ١، ص ١٨٠) وهى: القلعة (كهندز ثمَ عرّبت إلى قهندز أو ترجمت إلى قلعة) والمدينة عينها (شهر ستان، شارستان مدينة) ثم الربض والأقسام الثلاثة هنا واردة بترتيبها من الجنوب إلى الشمال. فالقلعة تقع إلى الجنوب من المدينة على مرتفع من الأرض وهى تشمل ديوان الإدارة (دار الإمارة) والسجن (الحبس). وتقع المدينة ذاتها المشيدة بيوتها من الآجر والخشب على تل أيضًا (انظر Islam: E.Herzfeld جـ ١١، ص ١٦٢ و persien: E. Diez جـ ١، culturen der Erd، جـ ٢٠، Hagen-Dannstat سنة ١٩٣٢، ص ٢٠)، وقد حفر حول المدينة خندق عميق لأخذ المادة اللازمة لبناء سور اللبن المحيط بها وزودت المدينة كلها بمياه جارية جلبت من الجنوب إلى الميدان المركزى للمدينة المعروف باسم رأس الطاق بوساطة قناة صناعة مغطاة بالرصاص (ولعلها شبكة من الأنابيب الرصاصية؟ ) تجرى فى باطن الأرض. ويظهر أن تاريخها يعود إلى ما قبل العهد الإسلامى، لأن الإشراف عليها كان موكولًا كما هو مذكور صراحة للزرادشت، الذين كانوا معفين من جزية الرءوس لقيامهم بهذه الخدمة. وقد زودت هذه القناة حدائق المدينة الواسعة الأرجاء البديعة بالماء. وللمدينة أربعة أبواب رئيسية: فإلى الشرق باب الصين، وقد أقيم تخليدًا لذكر الصلات القديمة مع الصين الناجمة من تجارة الحرير؛ وإلى الشمال باب بخارى؛ وإلى الغرب باب النوبهار ويشير هذا الأسم إلى معبد قد يكون بوذيًا، وهو أمر مألوف فى بخارى وبلخ. ويوجد إلى الجنوب الباب الكبير أو باب كش (وكلمة باب ترادف