عن غيره ممن يشتركون معه فى النسبة إلى سهرورد، ومنهم أبو حفص عمر السهروردى البغدادى المذكور آنفا، وعمه أبو النجيب عبد القاهر بن عبد اللَّه الملقب بضياء الدين السهروردى والمولود سنة ٤٩٠ هـ والمتوفى سنة ٥٦٣ هـ.
وحياة السهروردى الإشراقى على قصرها يمكن أن يميز فيها بين أطوار ثلاثة: طور النشأة الأولى والإقامة فى سهرورد، وطور الأسفار والتحصيل، وطور الاستقرار والنهاية.
ولعل كل ما يعرف عن حياة السهروردى فى طورها الأول هو أنه ولد بسهرورد، وأن تاريخ مولده بين سنتى ٥٤٤ هـ - ١١٥٠ م و ٥٥٠ هـ = ١١٥٥ م، وأنه قضى حياته الأولى بتلك البلدة القريبة من زنجان من أعمال أذربيجان بالعراق العجمى، وهنالك تلقى أول ما تلقى من ثقافات دينية إسلامية وغير إسلامية، عقلية بحثية، وتصوفية ذوقية.
وفى الطور الثانى نرى السهروردى لا يستقر به مقام، فهو محب للأسفار، متنقل من بلد إلى بلد، يلقى أجناسا شتى من العلماء والحكماء، يأخذ عن أولئك علمهم وعن هؤلاء حكمتهم، ويصحب الصوفية ويجالسهم، ويأخذ نفسه بالتجريد وسلوك طريقهم فى الرياضة والمجاهدة، وفيما يوصل إلى الكشف والمشاهدة. وقد تحدث الشهرزورى عن السهروردى من ناحية. وعلى لسانه من ناحية أخرى، حديثا نتبين منه على أى وجه قضى شيخ الإشراق الطور الثانى من أطوار حياته. قال الشهرزورى:"كان قدس اللَّه روحه كثير الجولان والطوفان فى البلدان، شديد الشوق إلى تحصيل مشارك له فى علومه، ولم يحصل له. قال فى آخر "المطارحات": وهو ذا قد بلغ سنى إلى قريب من ثلاثين سنة، وأكثر عمرى فى الأسفار والاستخبار، والتفحص عن مشارك مطلع على العلوم، ولم أجد من عنده خبر عن العلوم الشريفة، ولا من يؤمن بها. . . . وكان رحمه اللَّه غاية فى التجريد، ونهاية فى رفض الدنيا، يحب المقام بديار بكر، وفى بعض الأوقات يقيم بالشام, وفى بعضها بالروم، (الشهرزورى نزهة الأرواح، ص ٢٣٤).