وقد أخذ سهل عن شيخه ابن سوار أقوال علماء أهل السنة المتشددين أمثال الثورى وأبى عمرو بن العلاء، وكان فوق ذلك زاهدا لا يحيد قيد أنملة عن قواعد الخلق، كما كان متكلما تزود من العلوم العقلية بزاد وافر.
ولا نعرف من حياة سهل التى كانت تتسم فيما يظهر بالهدوء واعتزال الناس إلا حادثة واحدة هى نفيه إلى البصرة إبان فتنة الزبج (حوالى سنة ٢٦١ هـ = ٨٧٤ م) حين أنكر علماء الأهواز قوله بإن التوبة فرض.
ولم يكتب سهل شيئا، على أن أقواله الألف التى جمعها ونشرها تلميذه ابن سالم المتوفى سنة ٢٩٧ هـ (٩٠٩ م) تمثل من حيث العقائد وحدة متسقة صلحت لإقامة مذهب من المذهب هو السالمية ومن مذهب سهل استقت السالمية خصائصها وهى: مراقبة الباطن من خلال أعمال العبادة، واصطناع ألفاظ أشبه بالفاظ أرباب العرفان تسلم إلى التوحيد.
وأدلة سهل جدلية خالصة (استدلال، أصل، فرع) مثله فى ذلك المتكلمين، على أنه لم يكن بعد قد استعان فى محاجته بالقياس على طريقة الإغريق كما فعل تلميذه القديم الحلاج بعد أن ترك صحبته أما فيما يتعلق بالنفس والبدن فهو يقول إن الإنسان مركب من عناصر أربعة هى الحياة والروح والنور والطين، وأن الروح أعلا من النفس (على خلاف ما يقول فلاسفة اليونان المتأخرون) وأنها تبقى بعد الموت (على خلاف ما يقول المبرد).
ويرى سهل أنه ما من آية فى القرآن الكريم إلا ولها أربعة معانى: ظاهر، وباطن، وحدّ، ومُطَّلَع؛ وهو يأخذ بنظرية الإمامية فى الجفر، ويقول إن الأمثال التى يضربها الأنبياء للناس يجب أن تتدبر حتى نتدرج فى سبيل التحقق بحال نفوسهم.
وينهج سهل منهج ابن كّرام والأشعرى، فيقول إن جماعة المسلمين تشمل المؤمنين كافة ما داموا يولون