وجوهم شطر القبلة (وهو مذهب أهل السنة الذى يخالف مذهب المعتزلة والإمامية). وأول ما يعنيه لفظ "الإيمان" هو الإقرار باللسان (القول) والعمل، والنية، واليقين.
والذى يعبد اللَّه حق عبادته عليه أولا أن يخضع للحال، وأن يستمسك بأعمال العبادة، ذلك أن:"الحب ليس أن تعمل بطاعة اللَّه، وإنما هو أن تتجنب ما نهى عنه اللَّه" (وقال التسترى أيضا "كما لو كنت ميتا" perinde ac cadaver). وهو مقيد بأن تكون أفعاله اقتداء بالنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (وهى فكرة أشبه بقول المعتزلة فى "الاكتساب" الذى يخالف القول بالتوكل عند شقيق وابن كرام)، وأن يجعل اللَّه دائما قبلة نيته مع تسليمه بأن التوبة فرض فى كل وقت. وتحليل سهل لمراتب أفعال الإرادة، وهو ذلك التحليل الذى أخذه عن المحاسبى وأخذ به الغزالى، لا يزال هو العمدة فى هذا الشأن. والزاهد، وقد وصل إلى أسمى مراتب الزهد بقطع علائق الدنيا، لابد له من أن يتحقق بعد أعمال العبادة باليقين الذى هو "غيبة بالمذكور عن الذكر"، وفى هذا إشارة إلى مذهب الحلاج فى الاتحاد الصوفى.
وفى علوم الآخرة يصطنع سهل فى حكمة أقوالا شبيهة بأقوال أرباب المعرفة ترجع أصولها إلى مذهب الإمامية؛ ومن هذا القبيل عمود النور (عدل مخلوق به)، وهو ضرب من طائفة مجتمعة من العبادات العليا قوامه نفوس جميع الأولياء الذين يختلفون عن غيرهم من عامة الآدميين؛ وفى هذا إشارة إلى النور المحمدى الذى قال به الصوفية المتأخرون. والأولياء وحدهم الذين قدر لهم أن يعرفوا "سر الربوبية "سر الأنا"؛ وفى هذا إشارة إلى فكرة "الهو هو" ومن هذه الفكرة استنبط سهل إمكان عودة الشيطان فى النهاية إلى رحمة اللَّه، وهى فكرة توسع فيها من بعد ابن عربى وعبد الكريم الجيلى.
وصيغة الذكر التى نسبها الشيخ السنوسى لسهل (سلسبيل: انظر السهولية) صيغة محدثة.