ذلك لم يحل دون انتشار الإسلام. وقد حدث فى نهاية القرن الحادى عشر الميلادى أن مسلمًا يدعى جُلا كان قد اهتدى إلى الإسلام على يد سركلَّه جخا، حمل هذا الدين الجديد إلى غابات ساحل الذهب الكثيفة حيث كان هو وقومه قد جروا على الشخوص إليها لشراء جوز الكولا.
ثم وقف تقدم الإسلام إلى حين؛ وفى سنة ١٢٢٤ م أقيم مركز دينى وتجارى فى والته، وسرعان ما بلغ الإسلام تمبكتو وبخاصة جنَّة. وأصبحت تمبكتو فى القرن التالى قاعدة الإسلام فى السودان الغربى، وكانت إمبراطورية الماندنكو التى ورثت سلطان غانة، فى أوج عزها آنئذ. وفى سنة ١٣٢٥ شيد عاهلها، الذى كان فى ذلك الوقت هو كونكون موسى (واسمه الشائع كانكن موسى) مساجد فى كآو وتمبكتو، بناها له عربى من أسرة غرناطية كان قد استقدمه من مكة. وكانت سقوف هذه المساجد مستوية ومآذنها هرمية، وقد استحدث ذلك فى السودان طرازا معماريا سرعان ما انتشر فى أرجائه. وكان للمجد الذى أضفاه هذا العاهل على الإسلام نصيب فى دعم سلطان كونكون موسى على أقاليم النيجر. وفى عهد خلفه قامت الصلات الدبلوماسية المنتظمة بين السودان ومراكش.
واستمر تقدم الإسلام فى الزيادة فى نهاية القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر الميلادى نتيجة للسياسة التى انتهجها أعظم أمراء سنغاى أسكيا محمدو توره. على أنه أصيب بنكسة كبيرة فى السنغال فى منتصف القرن السادس عشر نتيجة لفتح تكرور أو فوتا تورو على يد حشود الفلبة والماندنك القادمة من كولى تنكلَّه، وإقامة مملكة فلبية وثنية فى هذه البلاد دام حكمها من سنة ١٥٥٩ إلى سنة ١٧٧٦ م. وقد أدى فتح سنغاى وتمبكتو على يد حملة مراكشية سنة ١٥٩١، إلى نتيجة لم يتوقعها أحد، ذلك أن هذا الفتح كان نذيرا آخر باضمحلال الدين الإسلامى فى مجرى النيجر الأوسط، وبداية لتدهور تمبكتو التى كانت مركزا دينيا.