النوبيين والبجة لم يندمجوا فى القبائل العربية فحسب بل لقد حدث عكس ذلك أيضًا فى بعض الحالات.
وقد قسم ماك مايكل Mac Micheal عرب السودان إلى قسمين رئيسيين هما: جماعة الجَعْلييين الدناقلة التى تضم معظم القبائل النهرية كما تضم كثيرًا من أهل كردفان المقيمين. وجماعة الجهنييين الذين يرجعون نسبهم إلى شخص يدعى عبد اللَّه الجهنى، وهم يضمون البقارة وكثيرًا من رعاة الجمال الرحل.
وكما أنه يصعب علينا أن نفرق بين العناصر العربية والعناصر الوطنية الإفريقية الأصل من حيث السلالة والنسب كذلك يصعب علينا هذا التفريق من حيث الثقافة والعادات، ذلك أن بعض العادات الواسعة الانتشار الخاصة بالمرأة، وتجنب الاتصال على أية صورة بقريبات الزوجة، واستخدام المقطع (الحامى؟ )(١) الأخير "أب" لتكوين اسم للأسر والقبائل ينسب إلى الجد الأعلى (رباطاب، علياب. . إلخ) يمكن أن يقال فيها إنها ليست من أصل عربى. على أن البقارة الذين لا يستخدمون المقطع الأخير "أب" قد اكتسبوا بعض السمات الزنجية سواء فى المظهر أو فى المزاج بالنظر إلى صلتهم الوثيقة بقبائل الجنوب السوداء البشرة. ونحن إذا تسامحنا وأدخلنا فى اعتبارنا كل عامل من هذه العوامل فإننا لا نزال نجد ما يبرر القول بأن أهل هذه القبائل عرب لا من الناحية اللغوية فحسب بل لأن المظاهر البارزة لثقافتهم ووعيهم السلالى وتقاليدهم التاريخية، ترجع كلها إلى أصل عربى.
وفى نطاق هذه الوحدة اللغوية والدينية تفاوت واسع فى البيئة وأسلوب الحياة. وقد أمكننا أن نميز بينهم الأقسام التالية:
(أ) رعاة الإبل الرحل (الأبَّالة) وهم يقطنون السهوب الجافة بين خطى عرض ١٣ ْ ١٨ ْ وتشبه ظروف الحياة فيها الظروف السائدة فى شمالى بلاد العرب تمام الشبه، ومن ثم فإن أسلوب
(١) استعمال لفظ "الأب" بمعنى الحامى أو الراعى استعمال عربى مفهوم [م. ع]