تربية الماشية، وهى تحتل بينهم المكانة البارزة التى للجمل فى حياة عرب الشمال. وهم يربون أيضًا الخيول, كما اشتهروا بأنهم صيادو زراف وفيلة لا يهابون، وقد وجدت نزعتهم الحربية فى الأيام الغابرة متنفسًا لها فى الحملات التى كانوا يشنونها لاقتناص العبيد كما أنهم زودوا الحركة المهدية بكثير من أمراء الجيوش الدراويش. وأهم قبائل البقارة فى السودان المصرى الإنجليزى (من الغرب إلى الشرق) هى أولاد حُمَيْد، والحوازمة، والمسيرية، والحَمَر، والرِزَيْقات والتعايشة.
(جـ) سكان القرى المقيمون: لا يمكن التفرقة فى حالات كثيرة بين الرحل وسكان القرى إلا من أسلوبهما فى الحياة، ذلك أن الأصول السلالية والقبلية متماثلة فى كلتا الحالتين، والقبائل التى تعيش بالقرب من النهر شمالى الخرطوم هى الدناقلة الذين يتحدثون بالنوبية، ثم تليها الشائقية والرباطاب والجعليين الذين يتفرع منهم عدد من العشائر. وتقتصر الزراعة على ضفاف النهر، وتتم بوساطة الساقية والشادوف، أو على الشاطئ الأوسط بعد أن ينحسر فيضان النيل، وتزرع المحصولات أيضًا فى السهوب البعيدة عن النهر فى السنوات التى يكثر فيها سقوط المطر، وهو يزود سكان القرى بمناطق رعى موسمية. وتتألف القرى من مساكن قائمة الزوايا مشيدة بالطوب اللبن وليس فيها أية حلية. وقد بعث الدناقلة والجعليين بمستوطنين من الزراع إلى كردفان والنيل الأبيض، وهم بوصفهم من التجار يوجدون فى كل مكان بالسودان. والشائقية لهم ميل للخدمة العسكرية، ومنهم أفراد كثيرون فى فرقة الدفاع السودانية وفى الشرطة.
وأهل وسط السودان المقيمون أقل من أهل الشمال تجانسًا. ولا يختلف سكان قرى الجزيرة من الناحية المادية عن أبناء جنسهم الذين يعيشون على ضفاف النهر. ولعل أهل كردفان قد نشأوا من اختلاط مهاجرى الدناقلة بالسكان الوطنيين. والأرومة العربية أقوى فى الشمال، ثم تضعف بالتدريج