السفانا، مما جعلها رقعة ميسرة لهجرات القبائل والمجموعات البشرية، وقد أطلق هذا التعريف جغرافيو العرب، وبقى سائدًا حتى أوائل القرن الماضى على وجه التقريب، أما السودان فى مدلوله السياسى فهو يشمل شطرى وادى النيل -الأوسط والأعلى- وهو الإقليم المعروف اليوم بجمهورية السودان وقد قامت فيما وراء حدود جمهورية السودان الغربية مجموعة من الوحدات السياسية تقاسمت السيطرة عليها دول أوربية، وكان النصيب الأكبر لإنجلترا وفرنسا.
وقد بدأ السودان يسير فى طريقه الذى انتهى إلى وضعه السياسى الحالى على عدة مراحل بدأت بامتداد الإدارة المصرية فى عام ١٨٢٠ م حيث كانت تعرف البلاد باسم النوبة ودارفور وكردفان وسنار وتوابعها وملحقاتها، واستطاعت الإدارة الجديدة التى جاءت استجابة لرغبات الزعماء المحليين لإنهاء حالة القلق بسبب الحروب القبلية ولوضع الأمن والاستقرار فى نصابه -استطاعت أن تجمع بين الأشتات القبلية المتنافرة وأن توحد بين أقاليمه وسكانه فى ظل إدارة منظمة أخذت فى السير قدمًا لبناء مجتمع أكثر تقاربًا، وذلك بإدخال الإصلاحات التى شملت مختلف مرافق الحياة اليومية، وما كان لتلك الإدارة أن تتنزه عن الأخطاء فى أول تجربة لها فى ذلك الحين، فالتنظيمات التى أوجدتها قد جمعت بين التنظيم القبلى الموروث وبين أجهزة الإدارة الحديثة، وهذا الازدواج فى جهاز الحكم ومحاولة حل مشكلة اليد العاملة التى كان قوامها الرقيق، دون إعطاء الفرص للتدرج الطبيعى، قد أثار الحفائظ. وجاء التغلغل الأوربى بصفة عامة والنفوذ القنصلى ودخول الأوربيين فى خدمة الإدارة مما مهد الطريق لقيام الحركة المهدية وتطورها. وقد استغل الأوربى هذه الفرصة وسلطانه جاثم على الشطر الأدنى لوادى النيل، لتصريف الأمور لمصلحته، فالمهدية قد فرضت نظامًا خاصًا قضى على سلطات الزعماء القبليين والدينيين، فاختلط الأمر واختل الاقتصاد وخرج البلد فى