نحو فصل السودان كلية عن مصر، غير أن هذه المحاولات تعطلت لسببين أولهما العجز الذى أصاب محصول القطن بسبب الآفات الزراعية، والثانى نتج عن نشاط إيطاليا الفاشية ومطامعها فى شرقى إفريقية. وقد عجل هذا السبب الأخير بصفة خاصة بالدخول فى المفاوضات التى انتهت باتفاقية ١٩٣٦ وكان ما جاء فيها عن السودان توثيقًا لوفاق سنة ١٨٩٩ م وترك أمر حل مشكلته إلى فرصة قادمة لم يحن وقتها إلا فى ٢٠ ديسمبر سنة ١٩٤٥ بسبب الحرب العالمية الثانية -عندما طلبت مصر من بريطانيا فتح باب المفاوضات لإعادة النظر فى معاهدة سنة ١٩٣٦ وعقدت أولى الجلسات فى ٩ مايو سنة ١٩٤٦ وانتهت فى ٢٥ أكتوبر من العام نفسه وكان سبب الفشل مسألة السودان، وأخذت الأمور فى التطور الخطير وحاولت الوزارة المصرية التى تلت الوزارة التى أجرت المفاوضات عام ١٩٤٦, إنقاذ الموقف ولكنها لم تصل أيضًا إلى اتفاق تقبله مصر أو بعبارة أصح لم تصل إلى ما يحقق آمال السودان الحقة. ورفعت القضية إلى مجلس الأمن وحدثت تطورات دستورية هامة منها قيام المجلس الاستشارى لشمالى السودان، والبدء فى سودنة الوظائف؛ ولم يصدر مجلس الأمن أى قرار عن النزاع المصرى البريطانى وتركت المسألة لتسويتها بالاتفاق المباشر بين الدولتين وأرسلت حكومة السودان إلى مصر بتقرير المؤتمر السودانى الذى عقد لدراسة الإجراءات لسودنة الوظائف التى وافق عليها المجلس الاستشارى لشمالى السودان، وحدثت اتصالات بين الحكومتين المصرية والبريطانية فى عام ١٩٤٨ لدراسة الموقف وانتهت المحادثات فى ٢٨ مايو سنة ١٩٤٨ دون الوصول إلى اتفاق بسبب إصرار مصر على أن يشترك السودانيون فى تولى أمورهم على قدم المساواة مع الإنجليز وأن يكون المصريون فى المجلس التنفيذى يعادلون الإنجليز من حيث العدد والوظائف، وتلت ذلك محادثات عام ١٩٥٠ - ١٩٥١ - ولم