جـ ٩، ص ٣، سنة ١٩٢٤, ص ٥٧ - ٥٨, ١٥٣ - ١٥٤)، ويتضح من الشواهد التى ذكرها أن كلمة سوق لم تكن مستعملة بمعنى المكان الذى يعقد فيه السوق فحسب بل كانت مستعملة أيضًا بمعنى السوق نفسه.
ولا نستطيع فى هذا المقام إلا أن نكتفى بالإشارة الموجزة إلى ذلك المزيج المتداخل من المسائل الاجتماعية والاقتصادية والفقهية للعالم الإسلامى التى تقترن بفكرة السوق. وليس بين أيدينا شئ من الدراسات التمهيدية المتصلة ببعض المظاهر الخاصة لهذه المسائل. على أننا نجد فى كثير من المصنفات التى تتناول موضوعات متباينة أشد التباين إشارات عابرة تحتاج إلى بحث منهجى. وأهم ما يجب أن نذكره فى مثل هذا البحث أن الإسلام قد فتح فى فترة قصيرة جدًا أقطارًا مترامية الأطراف كانت نواحيها القائمة بذاتها من قبل ممالك مستقلة، كل مملكة منها لها تاريخ اقتصادى وفقهى يختلف كل الاختلاف عن الأخرى. وقد تكون من هذه الأقطار على الفور دولة واحدة لها حكومة موحدة ومجموعة من القوانين قائمة على شريعة واحدة، ويدير أمورها عمال السلطة المركزية وليس عمال سلطة محلية مستقلة. وأهمية ذلك تتمثل فى أن الإسلام بحكم قيامه على أساس من الوحدة الكاملة قد حال دون نمو مجتمعات مدنية لها حق سن قوانينها وتطبيقها فى سوقها المحلية كما كانت الحال فى الغرب إبان العصور الوسطى. ومن المعروف فى الوقت نفسه أن وجود السوق فى الإسلام كان من الناحية القانونية على الأقل مستقلا عن حماية المدينة التى يقع فيها استقلالا أكبر مما كانت الحال عليه فى الغرب، ولعل ذلك يصدق أيضًا من الناحية العملية. ومن ثم وجب على مؤرخ السوق فى دار الإسلام أن يتتبع التاريخ المحلى للأسواق فى مختلف الأقاليم قبل الإسلام ويعرف إلى أى مدى تدخل الفتح الإسلامى فى تطور هذه الأسواق، وعليه آخر الأمر أن يتساءل: هل تمخضت دراسة كثير من الحالات المختلفة دراسة شملت المناطق