الجغرافية المتباعدة الرقعة أقصى تباعد، عن وجود تطورات نموذجية اختصت بها نواح متعددة من الإمبراطورية الإسلامية، وهل تختلف هذه النماذج عن أسواق المدن التى لم تنشأ إلا على يد الفاتحين المسلمين أو بعد الفتح على آية حال، وكيف تختلف؟ ومثل هذا البحث خليق بأن تكون له أهمية عظيمة من وجهة النظر الاجتماعية والاقتصادية والتاريخ الفقهى، ثم إنه سوف يلقى إلى حد كبير ضوءًا على الصلة بين الشريعة من حيث النظر ومن حيث العمل، وعلى مسألة: هل شجّع الخلاف بين الفرق والمذاهب فى أقاليم العالم الإسلامى المتفرقة على قيام تطور فى هذه الصلة مخالف لذلك فى بعض الميادين: مثل تاريخ السوق الذى لا يمكن أن نعول فى تتبعه على أن هذه الأقاليم موضوع البحث كانت تنتمى قبيل الإسلام إلى عدة ممالك مختلفة.
والمصادر التى تتطلبها دراسة هذه المسألة يكاد يخطئها الحصر. وذكر المؤلفات الإسلامية التى لا غناء فيها بالنسبة لموضوعنا أيسر من ذكر المصادر ذات القيمه فى هذا الشأن، فهناك كتب الفقه والتاريخ والجغرافيا والأدب وهناك أيضًا كتب الفلسفة العملية وطائفة من دواوين الشعر، ويمكن أن نسقط من حسابنا كتب فقه اللغة وما وراء الطبيعة والرياضيات وبعض كتب العلوم الطبيعية من حيث إنها لا تبحث فى السلع التى يتاجر بها فى الأسواق.
وثمة مواد اقتصادية كثيرة فى كتب الرحلات الحديثة وما إليها, ولكن هذه الكتب لا تبحث فى مسائل لها شأن فى التطور التاريخى. ونجد قليلا من الملاحظات التى يصح اتخاذها نقطا للبداية فى كتاب ماكس فيبر Max Weher: Wirtschaftund Gesellschaft Grundriss der Sozialokonomik جـ ٣، سنة ١٩٩٢) ص ٥٢٢ وما بعدها؛ انظر H.H.Schaeder فى IsL، جـ ١٤، سنة ١٩٢٥, ص ٥ وما بعدها) وفى كتاب ماكس فيبر المطبوع بعد وفاته والمعروف باسم Wirtschaftsgeschichte (سنة ١٩٢٣) الفهرس، تحت هذه المادة (Vorderer Orient (Jungere Perioden.