تعقد لأغراض غير هذه، نذكر منها بصفة خاصة الاحتفالات الدينية الموسمية التى كانت الأسواق تنظم من أجلها (انظر الكلمة الألمانية " Messe" بمعنى السوق أو المعرض). وكانت تعقد بين القبائل فى هذه المواسم هدنة (هدنة السوق). وقد كانت الأسواق العربية فى الأصل أماكن للعبادة ثم عفى عليها النسيان بازدياد شأن الحرم المكى. وكان بعكاظ أنصاب وحرم, ويجرى الطواف حول الحجارة بالقرب منها فى أثيداء. وزال كل أثر لهذه العبادة فى عهد النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وتضاءل شأن الأسواق شيئًا فشيئًا من الناحية الدينية بسبب الحج إلى مكة إلا انها استفادت من نواح أخرى لقربها من مكة. وكانت الأسواق فى نظر معظم الحجاج هى الغرض الأكبر: ذلك أن كلمة مواسم كانت عندهم تكاد ترادف كلمة مناسك، وقد شرعت الأشهر الحرم الأربعة للحث على غشيان الأسواق، وهى الأشهر التى لا يستحل فيها القتال. ولو لم يشرع ذلك لعرقلت شرعة الأخذ بالثأر تجارة بلاد العرب، وكان للأسواق علاوة على شأنها التجارى والدينى جانبها الاجتماعى والسياسى، فقد كانت تنظم فيها العلاقات بين القبائل على أساس من الحيدة ويجد فيها الشاعر أيضًا جمهورًا يستمع إلى مدائحه وأهاجيه (وهناك وصف بارع لمشاهد عكاظ فى كتاب Messe: Wellhausen ص ٨٨). ومن المعلوم أنه كان يقام فى الشهرين الأخيرين من العام بعد انعقاد سوق عكاظ، أسواق أخرى فى المواسم معينة بأرباض عكاظ، ولكنا لا نعلم إلا النزر اليسير عن هذه المواسم الأخرى من مواسم الحج. والظاهر أنها كانت أسواقا من الدرجة الثانية، ذلك أن عكاظ كانت تسمى بالسوق الكبرى وإليها تفد القبائل من جميع بلاد العرب. وكان يوجد بهذه السوق سلع آتية من جهات بعيدة ولا يسهل الحصول عليها من جهات أخرى. وقد جرت عادة الحكام الأجانب على إرسال البضائع إلى هذه السوق، وكان يلتقى فيها أمراء التجار لتبادل التجارة. وعكاظ من حيث التجارة هى التى يطلق عليها بحق اسم "السوق".