ذى الحيات حتى لا يقع فى يد أعدائه، فتتحطم الصخرة ويخرج السيف سليمًا كما هى الحال بالنسبة لسيف رولاند "درْندَل". ويبصَّر عنتر ابنه الغضبان بأمر الملكية المستندة إلى الحق الإلهى، حين أراد الغضبان أن يقتل كسرى ويخص نفسه بملكه، وذلك هو ما فعله جيرارد ده فيان مع ابن أخيه أيمرى عندما أراد أن يقتل شارلمان. وينطلق جواد عنتر الأبجر فى الصحراء بعد موت عنترة خشية أن يكون مطية لسيد آخر، كما فعل بايار جوادرينودى مونتابان إذ لاذ بغابات الأردّن. ومن المواقف المشهودة التشابه العجيب بين مبارزة رولاند لأوليفر وبين مبارزة عنتر لربيعة بن مقدم. فقد انشطر السيف فى الحالين شطرين فما كان من الخصم النبيل إلا أن ناول غريمه سيفا آخر. ويتصالح الغريمان ويتآخيان. ولكن مثل هذا التوسع فى الصورة الشعرية له أصول فى نظرات الفروسية التى من هذا القبيل، ومن ذلك صلة الفارس بسيفه، وصلته بجواده، وصلته بسيده الأكبر، وصلته بغريمه.
الفروسية فى سيرة عنتر: تعد السيرة بحق قصة من قصص الفروسية. وقد كانت الفضيلة المثلى التى يتحلى بها الرجل فى الجاهلية هى المروءة والفتوة. ونحن نجد فى سيرة عنتر، علاوة على ذلك، الفروسية مقترنة بالفراسة والتفرس، ويقال للرجل الفارس ويعرف عنتر بأبى الفوارس، ويقال له أحيانًا أبو الفرسان، وأعلى الفرسان، وفارس الفرسان، وأفرس الفرسان. وليس كل من يركب الجواد بفارس. ويتميز الفارس بالشجاعة، والإخلاص، وحب الصدق، وحماية الأرامل، واليتامى والمساكين (وكان عنتر يولم لهم ولائم يخصهم بها)، والشهامة، واحترام النساء (وقد بدأ عنتر حياته الحافلة بالبطولة وختمها بحماية النساء؛ فكان يقسم بعبلة، وبعينها، ويغزو باسمها)، والكرم وخاصة مع الشعراء. والفرسان هم أيضًا شعراء، وخاصة شعراء الحجاز، الذين ورد ذكرهم بالمئات فى سيرة عنتر. وتعرف السيرة أيضًا نظم الفروسية. ونحن نصادف فيها الغلمان وأتباع الفرسان، ولا يقتصر ذلك على