خاصة به يعرضها على أستاذه، كما يعلل أيضًا غلبة بحور خاصة، بل موضوعات خاصة فى أنحاء بعينها من جزيرة العرب. ذلك أنه لم يكن من قبيل الصدفة أن أبا ذؤيب، وساعدة بن جؤية والمتنخل، والشعراء الهذليين قد تخصصوا فى وصف النحل؛ وكانوا يروون بعضهم عن بعض؛ ولم يستعملوا بحورا واحدة فحسب بل تناولوا أيضًا موضوعات واحدة أخذوها عن أساتذتهم فى الشعر. وهذا يفسر أيضا السبب فى أننا نجد بيتًا واحدًا يتكرر كلمة كلمة فى أشعار طفيل وأوس بن حجر وزهير. وقد كانت "جياد الهوى المطلقة العنان" فكرة لم يستطع رواة طفيل أن يسقطوها من أشعارهم (١).
وكان الشاعر فى العهود القديمة يحب أن يملأ قصائده بغرر الكلمات؛ وكانت هذه العهود بخاصة هى التى شهدت استعمال عدد كبير من الكلمات الدخيلة تُرصع بها القصائد، وهى سنة بطلت بعد القرن الأول للهجرة؛ ذلك أن وظيفة الشاعر كانت قد تغيرت فى ذلك العهد تغيرا تامًا فقد كان الشاعر فى العهود القديمة ينافح عن شرف قبيلته؛ ويقتضيه الواجب أن يرثى من قضى من أهله أو شجعان عشيرته أو يشدو بالهجاء يناجز به أعداء قبيلته، ثم تنزل فأصبح يستجدى عطاء ذوى الجاه والثراء، وزاد على ذلك قصائد يهجو بها منافسيه مما جعل مهمته فى إبتزاز العطايا أشق وأعسر، وموضوعات جديدة يصور فيها مجالس الشراب وقصائد فى الغلمان وأناشيد مفحشة وليس بين أيدينا شعر فارسى يرجع إلى هذه العصور القديمة، ولكن ابن جنى يخبرنا (الخصائص جـ ١، ص ٢٥٢) أن الشعر فى فارس كان مزدهرا أيضًا، وأن الشعراء كانوا يجتهدون كل الاجتهاد فى أن يتحاشوا استعمال آية كلمة عربية فى قصائدهم، ذلك إن هذا كان خطأ جسيما فى نظر النقاد. ونحن لا نعلم موضوعات هذا الطراز من الشعر، على أننا نستطيع أن نذهب إلى أن الجانب الذى يتسم بالخفة من الشعر العربى والذى تمثله أشعار