هلك فيه يزيد بن أبى سفيان وإلى دمشق فخلفه أخوه معاوية. وقد أقر عمر بلا تهاون التفرقة من الناحية السياسية بين الفاتحين والمغلوبين، فأصبح المغلوبين هم الذميين، وغدا جنس العرب المميز عماد أرستقراطية عسكرية تمنح الأعطيات، وقسم الشام أجنادا هى: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن أو ولاية الأردن. ثم أضاف يزيد بن معاوية إلى هذه الأجناد جند قنسرين وجعله خاصا بشمالى الشام وأخذ الفاتحون يسيطرون من هذه الأجناد، وقصبتها الجابية، على البلاد ويجمعون الضرائب. وفرضوا على الذميين جزية الرؤوس علاوة على الخراج وفى الشام كما فى غيرها من البلاد المفتوحة انحصر التنظيم فى احتلال عسكرى يستهدف استغلال الأهليين، واقتصرت حكومة العرب على إدارة الشئون المالية، وكان ديوانهم ديوانا يراجع حساب الأموال (Das Arabische Reich and Sein Sturz: Wellhausen ص ٢٠).
وقد أدرك، معاوية فى مستهل ولايته التى امتدت فى عهد عثمان حتى شملت الشام بأسره أن الأمر يقتضيه الاستعانة بالقبائل البدوية فى هذا الإقليم لأنها كانت من الناحية السياسية أنضج من بدو شبه الجزيرة العربية وأراد على، خليفة عثمان، أن يعزله عن ولاية الشام، ولكن الشآميين انحازوا إلى واليهم. ولم يسفر الاشتباك بين الشآميين والعراقيين فى ساحة معركة صفين عن نتيجة حاسمة وأقيم الحكمان للفصل بين الطرفين، وأعلن المؤتمر الذى عقد فى أذرح خلع على يناير ٦٥٨ واستغل معاوية هذا النصر الدبلوماسى، فأنفذ عامله عمرو بن العاص لفتح مصر. وفى ٢٤ يناير سنة ٦٦١ سقط علىّ صريع خنجر طعنه به رجل من الخوارج، فخلا الميدان لغريمه معاوية.
الشام فى عهد الأمويين: وإنما كان معاوية ينتظر هذا اليوم ليؤسس دولة هى دولة الأمويين، ويعرف فرعهم الأكبر بالسفيانى نسبة إلى أبى سفيان. ويبدأ الفرع الأصغر بمروان بن الحكم وقد نسب إليه فقيل الفرع المروانى.