الوليد فى مشروعاته نجاحا فريدا، وتكشفت نزعته الاستبدادية فى الحد من السماحة التى كانت تعامل بها الشعوب المفتوحة، فقد استخلص المناصب الإدرية الكبرى من أيدى المسيحيين تماما، واستطاع بفضل جنوحه إلى العظمة والفخامة أن يملك قلوب أهل الشام بلا منازع. وتوفى الوليد فى ٢٣ فبراير سنة ٧١٥ م. وخلفه أخوه سليمان بن عبد الملك مشيد الرملة فى فلسطين، توفى سليمان فى حصار القسطنطينية المشؤم، وخلفه ابن عمه عمر بن عبد العزيز (أغسطس ٧١٧)، وتوفى عمر فى فبراير سنة ٧٣٠، وخلفه يزيد ابن عبد الملك. وكان الخلفاء الأمويين قد بدأوا يتخلون عن دمشق منذ أيام الوليد بن عبد الملك، وتركوا الإقامة فيها وإن ظلت قصبة الدولة الرسمية وأخذت الدولة الأموية فى الاضمحلال بعد وفاة عمر بن عبد العزيز. وقد حاول هشام الذى خلف يزيد بن عبد الملك أن يعيد إلى الخلافة الشآمية هيبتها فباءت جهوده بالخيبة، فقد توقفت الفتوح، ومنى العرب بهزيمة بواتييه المنكرة فى فرنسا فى أكتوبر سنة ٧٢٢. وسمح هشام لبطارقة انطاكية الملكانيين بالإقامة فى الشام. وفقد هذا الخليفة حب الشعب له لطمعه وإخفاق خططه العسكرية وما جرى عليه من اعتزال الناس والإخلاد إلى قصره الصحراوى الرصافة. على الرغم من أنه كان أشد الخلفاء الأمويين انكبابا على العمل. وخلفه فى فبراير سنة ٧٤٣ ابن أخيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان هذا الأمير من أرباب الفن والشعر وقد عاش قانعا فى الصحراء حيث شرع يبنى قصره المشتى الفخم ولقى مصرعه قبل أن يتمه على يد قاتل اغتاله فى أبريل سنة ٧٤٤. وكان خليفته يزيد بن الوليد أول وخلفه يزيد بن عبد الملك. وكان الخلفاء الأمويون قد بدأوا يتخلون عن دمشق أخاه قليل الشأن إبراهيم، وعجز إبراهيم عن حمل الناس على الاعتراف به.
وظهر على مسرح الحوادث إبان هذه الفوضى العامة والى الجزيرة العالى الهمة مروان بن محمد حفيد الخليفة مروان بن الحكم. وقد فل