للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من معونة الأرمن والكرج وفرنجة قبرس وهزم المماليك بالقرب من حمص. على أن المصريين عادوا فغزوا الشام، وعبر غازان الفرات مرة أخرى لملاقاتهم فدارت الدائرة عليه سنة ١٣٠٣ م فى مرج الصفار قرب دمشق. ولم تغنم شيئًا من مجئ البرجية الذين حلوا محل دولة المماليك البحرية ١٣٨٢ م. ذلك أن المماليك البرجية كما يقول ابن إياس، احتفظوا بالسنن القديمة، أو بحكم أسلافهم الذى اتسم بالفوضى. ولم يجد السلطان فرج (١٣٩٢ - ١٤٠٥ م) بدًا من أن يشرع فى فتح الشام من جديد ما لا يقل عن سبع مرات. وقد اقترنت سنة ١٤٠٤ م بغزوة تيمور، فقد غزت حشوده حلب ونهبتها، ثم ظهرت أمام دمشق ورضيت هذه المدينة بالتسليم فنهبها التتار نهبا منتظما، فقد حملوا معظم سكانها القادرين أسرى، وخاصة أرباب الفن والمهندسين المعماريين وصناع الصلب والزجاج، ومضوا بهم جميعا أو يكادون إلى سمرقند، ثم أشعلوا النار فى المدينة وفى مسجد الأمويين وغير ذلك من الأثار، ورجع تيمور بجيوشه وترك الشام فريسة للأوبئة والعصابات من قطاع الطرق. وكان سلطان العثمانيين فى الوقت نفسه آخذا فى التجمع بهضاب الأناضول، وزاد استيلاؤهم على القسطينية (١٤٥٣ م) فى أطماعهم، وإنما حال الموت بين محمد الثانى وبين فتح الشام، ولم يكف خلفاؤه عن التأهب لذلك، ووقع قاتيباى (١٤٦٨ - ١٤٩٦ م) وبايزيد معاهدة سلام، تبين من بعد أنها لم لن إلا هدنة.

وقد أدى تخريب هولاكو لبغداد وسقوط الخلافة العباسية إلى نقل قاعدة العالم الإسلامى إلى غربى الفرات، ووجد أصحاب التصانيف العربية فى أرض المماليك ملجأ محفوفا بالمكاره فى خير حالاته. ولم يكن من المنتظر أن يلقوا أى تشجيع من سلاطين جهلة اتسموا بالوحشية لا يعرف الكثير منهم حتى أن يوقعوا بأسمائهم. وعاش المثقفون فى الماضى، وأصبح نشاطهم يفتقر إلى الأصالة والابتكار، وكانت هذه الأيام العصر الذهبى للملخصين المصنفين وكتاب الرسائل المدرسية