ميسلون (٢٤ يولية ١٩٢٠). وفى اليوم التالى دخل الفرنسيون دمشق بينما كان الملك فيصل يغادرها، وبذلك بدأ عهد الاحتلال والانتداب.
أما القسم الجنوبى من سورية الممتد من جنوبى درعا حتى خليج العقبة إلى الشرق من نهر الأردن، فقد أدخله مؤتمر سان ريمو فى منطقة إنتداب بريطانيا كجزء من انتدابها على فلسطين.
ولم يلبث أن جاءه الأمير عبد اللَّه بن الحسين (نوفمبر ١٩٢٠) على رأس قوة من الأتباع والبدو، وأعلن أنه قادم ليأخذ بثار أخيه فيصل، وأنه يعبئ قواه لتحرير سورية. ولكن سرعان ما تدخل الأنجليز حرصا على عدم إغضاب حلفائهم الفرنسيين وأوجدوا للأمير الطموح بعد مؤتمر القاهرة (مارس ١٩٢١) إمارة مستقلة عن فلسطين وعن سورية، أصبحت تعرف باسم إمارة شرقى الأردن.
ولم تنتظر فرنسا -التى برهن تقرير لجنة كنغ كراين أن أهالى سورية لا يرغبون فى انتدابها- مصادقة عصبة الأمم على صك انتدابها -وإنما عمدت إلى الجزء الذى وكل اليها أمر "إرشاده وتوجيهه" فقسمته على قاعدة "فرق تسد" واستطاعت أن تخادع الدول فى موضوع انتدابها حتى ظفرت بموافقة عصبة الأمم عليه فى ٢٤ يولية ١٩٢٢، ولكنها لم تستطع أن تخفى تناقض هذا الصك مع نص الانتداب من حرف (أ) كما تضمنتهما المادة ٢٢ من ميثاق العصبة. فهذا الصك لم يؤخذ فيه رأى سورية من جهة، ومن جهة أخرى لم يمنع فرنسا من اصطناع مختلف أساليب التسلط والقهر لتحقق فى سورية أغراضها وأطماعها.
ومنذ أول سبتمبر ١٩٢٠ بدأ الاحتلال الفرنسى سياسة التجزئة بإضعاف ما اعتبره حصن المقاومة العربية المسلم "سورية" وتقوية ما حسبه معقل التعاون المسيحى "لبنان"، فأقام ما سماه "لبنان الكبير" من متصرفية جبل لبنان القديمة، مضافًا إليها أقضية أربعة كانت تابعة لسورية فسلخت عنها وهى بعلبك والبقاع وحاصبيا وراشيا فضلا عن متصرفيات طرابلس وبيروت وصيدا