وقسم من قضاء عكار وقضاء حصن الأكراد. تم ذلك على كره من أهالى هذه المناطق التى كانت تسكنها غالبية مسلمة لا ترغب فى الانفصال عن سورية. واستدار الاحتلال إلى تقطيع أوصال سورية الداخلية نفسها فقسمها إلى أربع دول، منفصل بعضها عن بعض تماما وهى: دولة دمشق ودولة العلويين (اللاذقية) ودولة جبل الدروز (السويداء)، ودولة حلب وقد ربط بها سنجق الاسكندرونة بحيث أصبح يتمتع بإدارة خاصة، وغرض الاحتلال من كل ذلك تشجيع النزعات الانفصالية الإقليمية، وتغذية التحاسد وتنمية الأحقاد بين صفوف الشعب الواحد، وعزل سورية عن سواحلها بسور قوامه دولة لبنان الكبير، ودولة العلويين، وسنجق الإسكندرونة، يحكم كلا منها موظف فرنسى يتمتع بسلطات مطلقة.
وبرزت شرور الإدارة الفرنسية فى البلاد، فعاين السوريون كيف أن الفرنسيين تذرعوا بشتى الوسائل لتوطيد نفوذهم وتخليد احتلالهم؛ ففى ميدان التعليم فرضت اللغة الفرنسية فى المدارس وفى ميدان الاقتصاد. أفقرت البلاد فمنيت بركود لم تعرف له ضريبا: مثل نصب الحواجز بين أجزاء سورية، وتدهور الفرنك الفرنسى الذى كان يؤدى إلى تدهور النقد السورى المرتبط به فيسبب خسائر باهظة للخزانة السورية. هذا إلى امتصاص الرصيد الذهبى وجشع المستخدمين الفرنسيين المتزايد للمال، وروايتهم الضخمة وعددهم الوفير. وفى ميدان الإدارة يسجل المنصف تعسفهم وقلة خبرتهم، وإثارتهم للحزازات وتغذيتهم للنزعات الانفصالية والنعرات الطائفية والعنصرية. وبديهى أن يُعبر السوريون عن استيائهم ونقمتهم على هذه الأوضاع الظالمة بثورات واضطرابات مستمرة نذكر منها ما كان من مقتل وزيرين سوريين قبلا تنفيذ بعض مآرب الاحتلال (أغسطس ١٩٢٠)، وما كان من إطلاق النار على الجنرال غورو نفسه، وتفاقم الثورة فى الشمال، وقيام المظاهرات الضخمة والهتاف بسقوط الانتداب والخونة أثناء زيارة كراين (١٩٢٢) عضو لجنة الاستفتاء الأمريكية لدمشق،