للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما تبع ذلك من انفعال النفى والعدوان والإرهاق.

ورغب غورو فى تخفيف حدة الاستياء من إدارته فى الداخل وفى الخارج فأقام الاتحاد السورى بين دول دمشق وحلب والعلويين (يونية ١٩٢٢). ولكن خلفه الجنرال ويغان Weygand عاد فألغى الاتحاد، وقصره على دولتى دمشق وحلب باسم دولة سورية. وحل ارتباط لواء الاسكندرونة بدولة حلب السابقة فخرج عن النطاق السورى منذ يونية ١٩٢٤. وحل الجنرال سراى Sarrail محل ويغان، وحمل نفسه بادئ الأمر على اتباع سياسة التفاهم، فتقدمت البلاد بمطالب على رأسها الوحدة السورية والاستقلال. غير أن الرجل سرعان ما تنكب جادة الاعتدال، فما إن هرع اليه وفد من الدروز لينصفهم من حاكمهم الفرنسى العاتى حتى رفض مقابلتهم ونفى بعض زعمائهم، فاندلعت نار الثورة (يولية ١٩٢٥) فى الجبل ومنه انتشرت إلى غوطة دمشق وجبل الشيخ وجبل القلمون، وإلى حماه وأطراف حمص وبعلبك وعكار.

ودخل النضال من أجل الوحدة والاستقلال مرحلة جديدة مع نجاح الثورة السورية واتساعها. وقد شكل الوطنيون حكومة ثورية فى جبل الدروز لتنظيم الثورة وتوجيهها. وفى أكتوبر هاجم الثوار مدينة دمشق ودخلوها من عدة منافذ وحاصروا قصر العظم وقصدوا اعتقال الجنرال سراى. وضاع صواب الرجل وأمر بصب نيران المدافع على دمشق ثلاثة أيام بلياليها لإقصاء الثوار عن المدينة، فلم يجد هؤلاء بدا من الانسحاب صونا للمدينة المجاهدة من التدمير. وبإزاء موجة الاستنكار الدولى العنيف التى نجمت عن هذا العمل الوحشى استدعت فرنسا مفوضها السامى وأذاعت أنها تنوى تعديل سياستها. وأرسلت دجوفنيل Dejouvenel أول مفوض سامى مدنى (نوفمبر ١٩٢٥) فدعا الثوار إلى الهدوء، ودعاه الثوار إلى تحقيق الوحدة السورية وإقامة حكم وطنى وإجراء انتخابات لوضع الدستور وإعلان العفو العام وتعويض المنكوبين. وأجرى دجوفتيل اتصالاته مع زعماء الثورة فى ساحات القتال حينا، ومع الزعماء القائمين فى دمشق حينا آخر إلى أن تم الاتفاق مبدئيا على أسس معاهدة عرفت باسمه، ولكن الحكومة الفرنسية رفضتها. وقبل أن يترك دوجوفنيل منصبه، أصدر دستور لبنان