شاور من ولايته قبيل حلول شهر شوال سنة ٥٥٧ هـ (أكتوبر سنة ١١٦٢). وكان شاور يتوقع ذلك، ولذلك نجده قد أعد للأمر عدته من قبل وحشد جنودًا غفيرة ووقف موقف الدفاع فى أرض قد ملكها أو كاد كأنما هى إقطاع له. ولم ينتظر شاور قدوم خلفه على الولاية بل صمم على أن يبدأ الهجوم، ولكنه هزم عند دلجة فى مصر الوسطى فاتخذ سبيله إلى الواحات مفكرًا فى أن يترك العدو وراءه. وأفلح شاور فى أن يجعل الناس ينسون أمره حتى ظهر فجأة فى الدلتا فى المحرم عام ٥٥٨ (ديسمبر ١١٦٢) وسرعان ما جمع جيشًا عدته عشرة آلاف مقاتل بعد أن وعد الجند بالغنائم. ولم يستطع رزيك مقاومته ففر من عاصمته واعتلى شاور الوزارة فى صفر (يناير ١١٦٣) تاركًا منافسه يلقى حتفه، أو قل إنه أمر بقتله.
وكانت الفترة الأولى من وزارة شاور قصيرة الأمد بسبب عدم رضا الناس عن أبنائه الثلاث: طى وشجاع وسليمان، بل لقد أدى شحهم وشططهم إلى حمل الضباط المحيطين بأبيهم مباشرة على الانفضاض عنه. وأقام ضرغام، الذى رفعه شاور إلى منصب كبير الحجاب، نفسه على رأس المتذمرين الذين كان الخليفة يشد من أزرهم سرًا. ولم يحاول شاور المقاومة بل فر إلى الشام فى غضون شهر رمضان (أغسطس).
ومضى شاور إلى دمشق لائذًا ببلاط نور الدين، فزوده نور الدين بجيش يسترد به سلطانه. ووعده شاور أن يعطيه لقاء ذلك ثلث دخل مصر للإنفاق منه على الجيش. وجعل نور الدين على رأس هذا الجيش أسد الدين شيركوه، وسار شيركوه إلى القاهرة وأوقع هزيمة منكرة عند تل بسطا بما استطاع ضرغام أن يجمعه من الجند الذين كانوا غير أهل للاعتماد عليهم. وما إن دخل العاصمة فى جمادى الآخرة سنة ٥٥٩ هـ (مايو ١١٦٤) حتى استعاد شاور منصب الوزارة. وسرعان ما ثارت المتاعب بين شيركوه وشاور. ويتهم البعض شيركوه بالخيانة، فى حين يتهمه آخرون بأنه لم يف بالتزاماته قبل نور الدين.
ومهما يكن من شئ فقد وقعت بعض مناوشات عرّضت سلطان شاور