مكانا فى العصر الحديث، وهو ينازع فى سلطة الصورة التقليدية التى للشريعة، ويدعى لنفسه الحق فى أن يصلحها بحسب الآراء والحاجات الحديثة، وهذا لا يحدث بدون تعسف فى اختيار الأقوال التى يجب الأخذ بها ولا بدون تأويل للنصوص الأساسية لا يخلو من تكلف.
وكان من نتائج تطور الفقه أن الشرع لم يُرتب على هيئة "مجموعة قوانين" بالمعنى الحديث (انظر خاصة Verspreide Ge schriften: Snouck Hurgronje، مجلد ٤، جـ ٢، ص ٢٦٠ وما بعدها) ثم إن كتب الفقه، وخاصة التى ترجع إلى عصر متأخر والتى تعد المقياس المقبول عند الكافة (بسبب الإجماع عليها)، هى فى الواقع "كتب الشريعة" عند المسلم السنى: فهو يجد فيها شريعة اللَّه مبينة على الوجه الذى يجب أن يتبعه وبحسب المذهب الذى ينتمى إليه، على حين أن القرآن الكريم والحديث بالإضافة إلى ما سبق فإنهما يثبتان الإيمان ويقويان اليقين. ولكن ليس كل إنسان قادرًا على أن يستخلص بنفسه من كتب الفقه وعن خبرة كافية رأى الشرع فى بعض الحالات، بل يحتاج غير المتخصصين فى الشريعة إلى سؤال المتخصصين فيها. ورأى هؤلاء يجئ فى صورة فتوى، والعالم الذى يعطى هذه الفتوى يسمى تبعًا لذلك بالمفتى.
وشرع اللَّه لا يمكن إدراك كل أسراره بالعقل، فهو تَعَبُّدى، أى أن الإنسان يجب عليه أن يقبله، وأحكامه حتى التى لا يدركها العقل، من غير نقد وأن يعد ذلك حكمة لا يمكن إدراك كنهها. ولا يجوز للإنسان أن يبحث فى الشرع عن علل بحسب مفهوماتنا, ولا عن مبادئ، ذلك أن منشأ الشريعة هو إرادة اللَّه التى لا تقيدها مبادئ. ولذلك فإن أنواع الرخص لا تعتبر أكثر من اصطناع وسائل وضعها اللَّه فى متناول الإنسان. والشريعة الإسلامية التى تكونت من الوجهة التاريخية بتضافر عوامل كثيرة لا يكاد يمكن تقديرها التقدير الدقيق (انظر Islam: Bergatrasser مجلد ١٤، ص ٧٦ وما بعدها) بدت فى