الرواية فى تدعيم رأيه القائل بأن اسم إرم لا يتصل إلا بالروايات الآرامية.
على أن المسلمين كثيرًا ما يجعلون إرم تشير إلى جنوب بلاد العرب الذى كان قوم عاد ينتسبون إليه أيضا. وكان لعاد ابنان: شدَّاد وشدَيد، فلما مات شديد خلص الأمر لشداد وملك المعمورة ودانت له ملوكها. ولما سمع بحديث الجنة ابتنى على مثالها مدينة فى بعض صحارى عدن، وكانت حجارتها من الذهب والفضة وأسوارها محلاة بالحجارة الكريمة ... الخ. ولما أنكر شداد ما دعاه إليه النبى هود وعزم على الخروج إلى مدينته، جاءته صرخة من السماء قضت عليه وعلى قومه وهم على مسيوة يوم من إرم، وغارت تلك المدينة فى جوف الرمل.
وفى الرواية التى ذكرها المسعودى (جـ ٣، ص ٤٢١) لا ينتهى تاريخ هذه المدينة على هذا الوجه المحزن، فقد رغب شداد فى أن يبتنى ما يماثلها فى موضع مدينة الإسكندرية. فلما أسس الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية بعد ذلك، وجد فيها آثار بناء عظيم ذى عمد كثيرة من الرخام على أحدها نقش اسم شداد بن عاد بن شداد بن عاد، وأنه شيد هذه المدينة على مثال إرم ذات العماد، ولكن الله أهلكه وحذر كل إنسان من القيام بمثل هذا العمل العظيم. ومن اليسير أن نلاحظ أن هذه الرواية قد أخذت من قصة الإسكندر (Callisthenes Pseudo, طبعة ميلر, جـ ١، ص ٣٣) التى تذهب إلى أنه قد كشف عند تشييده الإسكندرية معبداً فيه مسلات عليها نقش يشير إلى الملك سيسنخيس Sesonkhis الذى حكم المعمورة. يضاف إلى هذا أن التحذير الذى ورد فى النقش الذى يشير إليه المسعودى يتمشى مع قصة الإسكندرية إلى حد بعيد: ومن ثم يجب أن لا ننتظر من هذه الرواية أن تدلنا على موقع إرم. على أنه لا بد أن نلاحظ كذلك أن الطبرى أيضًا فى تفسيره يذكر ذلك الرأى القائل بأن إرم هى عين الإسكندرية. وروى أيضًا أن رجلا يقال له عبد الله بن قلابة كان يطلب جملين ندّا منه فوقف صَدفة على مكان تلك المدينة التى ساخت فى الأرض، فحمل إلى معاوية من خرائبها شيئًا من المسك والكافور واللؤلؤ، ولكن كل هذه الأشياء استحالت ترابا عند تعرضها للهواء. فاستدعى معاوية كعب الْأَحبار وسأله عن خبر هذه المدينة فأجاب كعب على