للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العام، وبالعقوبات والضرائب، وكل ما يمس الممتلكات من أمور هامة، وصارت تقرر الأمور هنا طبقا لمزيج من التحكم ومراعاة العادة (انظر ما يلى) والشعور بالصواب وأخيرا طبقا لقوانين من الطراز الأوروبى، وهكذا نشأ فى جميع بلاد الإسلام وعلى نحو مستقل تمام الاستقلال عن تأثير الغرب صنفان من القضاء يمكن تسميتهما القضاء الدينى والقضاء الدنيوى.

والحق أنه (١) بقيام دولة آل عثمان بدأت حركة جديدة لاحترام الشريعة فى الناحية العملية أيضًا، وهذا الاحترام يتجلى مثلا فى منصب شيخ الإسلام وهو قد أدى أخيرًا إلى وضع القانون الشرعى موحدًا فى "المجلة" لكننا لا نجد هنا أيضًا تطبيقا فعليا للشريعة، وقد بقى القضاء الدنيوى قائما فى هذه الحالة أيضًا. وبعد، فإن هذه الفترة لم يمض عليها زمان طويل فحسب (انظر الكتب المذكورة فيما تقدم حول حركة التجديد التركية) بل إن الترك يحاولون أن يبعدوا الشريعة عن الحياة العامة إبعادا تاما وإخراجها أيضًا من الميادين التى بقيت حتى الآن. وأخذوا بكتب تشريع أوروبية بأكملها (انظر أخبار ذلك فى مجلتى Oriente Moderno و Revue du Monde Musulman).

أما فى مصر فلم يبدأ إدخال القوانين على النمط الأوروبى فى الميادين التى أخلتها الشريعة عمليا إلا فى سنة ١٨٣٣. وفى سنة أدخلت لأول مرة بعض التعديلات على قوانين الإثبات الشرعية، وهى تشبه ما جاء فى "المجلة" لكنها ملزمة للمحاكم الشرعية. وأخيرًا عُدّلت بعض الأحكام المادية للقانون الخاص بالأسرة وذلك فى شئ من الحذر أول الأمر فى سنة


(١) من هنا إلى نهاية الفقرة نجد فى المختصر: "فى أثناء عصر الازدهار فى الدولة العثمانية فى القرنين السادس عشر والسابع عشر بلغت الشريعة أخيرًا تحت رعاية حكام أتقياه أكبر تطبيق فعلى وصلت إليه حتى فى ميدان القانون المدنى والتجارى. ونظمت أمور القضاء فى الدولة كلها تنظيما واحدًا, وأنشئت درجات متفاوتة للقضاة، وكان على المفتى الأكبر، وهو شيخ الإسلام أن يسهر على الشريعة. ولكن حتى هنا بقى قانون العقوبات والضرائب والممتلكات من اختصاص التشريع الدنيوى المسمى "قانون نامه" الذى زعم أنه لا يريد سوى إكمال الشريعة لكنه جاء فى الواقع معارضا لها.
وجاءت حركة الإصلاح التى بدأت فى القرن التاسع عشر بوضع مجموعات قوانين على النمط =