وجهها إلى سلطان الدولة فى شهر صفر سنة ٤٠٤ هـ، وكانت آخر قصيدة مؤرخة فى ديوانه مرثية قالها فى الشاعر أحمد بن على البتّى الذى توفى فى شهر شعبان سنة ٤٠٥ هـ؛ وتوفى الشريف الرضى فى صباح الأحد السادس من المحرم سنة ٤٠٦ هـ (٢٦ من يونية سنة ١٠١٦ م)؛ وقد غلب الحزن أخاه على المرتضى حتى لم يستطع البقاء فى بغداد ليشيّع جنازته، وصلى الوزير فخر الملك صلاة الجنازة على قبره، ودفن بمنزله فى حى الأنبارية فى ضاحية الكرخ من ضواحى بغداد. وكان المنزل والقبر قد تهدما فى عهد ابن خلكان، وإنا لندرك من الإشارات القليلة المبعثرة عن الرضى أنه كان ودودًا واسع العقل كما تدل على ذلك صداقته للصابئ الذى كرَمه بمرثيتين بالرغم من أنه لم يكن مسلمًا، بل إن لوم أخيه بسبب مرثيته الأولى لم تحل بينه وبين نظم قصيدته الثانية التى أبرز فيها حزنه أكثر وأكثر. وقصائده كما مر بنا كثيرة جدًا، وقد جمعها بعض أصدقائه؛ ومخطوطاتها ليست نادرة، بل إن لدينا بالفعل نسختين مطبوعتين (بومباى ١٨٧٩ فى مجلد واحد؛ بيروت فى ١٨٩٠ - ١٨٩٢ فى مجلدين) وكلا الطبعتين مرتبتان على حروف الهجاء؛ وكذلك الحال فى المخطوطين اللذين فى المتحف البريطانى (Add، رقم ١٩٤١٠؛ Add ٢٥٧٥٠) وذلك إذا استثنينا أن المراثى فى أحد المخطوطين قد فصلت عن القصائد الأخرى. ومما هو جدير بالذكر أن كثيرًا من القصائد، سواء فى المخطوطات أو فى النسختين المطبوعتين، قد أرّخت تأريخًا دقيقًا وأمدتنا ببعض التفصيلات عن سيرته؛ وقد كان عدد كبير من هذه القصائد مراثى قيلت فى أشخاص بارزين توفوا فى بغداد، ومن ثم أصبح لهذه التواريخ قيمة تاريخية أيضًا. وثمة قصائد للشريف عن كل سنة من سنة ٣٧٤ إلى سنة ٤٠٥ هـ، ولو أننا شرعنا فى تحليلها تحليلًا كاملًا لاستغرق ذلك منا حيزًا كبيرًا. والرضى، علاوة على قصائده، صاحب الفضل فى مصنفين فى شرح القرآن أحدهما عنوانه "معانى القرآن" والثانى عنوانه "مجازات القرآن"، على أن هذين المصنفين لم يصلا إلينا. ويصف