مايو عام ١٣٦٣ م) ولما يجاوز العاشرة من عمره بفضل النفوذ المطلق للأتابك يلبغا العُمَرى، وصرف النظر عن أبيه، ذلك أن الأتابك يلبغا الطموح كان يريد الحكم لنفسه ففضل الغلام البالغ العاشرة من عمره وحفيد محمد الناصر؛ وقد يتميز عصر الأشرف بهجوم أساطيل الفرنجة المرة بعد المرة على موانى المماليك كالإسكندرية بمصر وطرابلس السورية، مثال ذلك أنه حدث فى مستهل سنة ٧٦٧ هـ (١٣٦٦ م) أن ظهرت سفن بيير له لوزينيان ملك قبرس مع سفن من البندقية وجنوة ورودس أمام الإسكندرية التى نهبوها، ولكنها انسحبت عندما أقبل الجيش المصرى الذى تمكن فى رواية المصادر، من أن يحمل معه ٥٠٠٠ أسير، وأكره النصارى فى مصر وسورية على دفع الفدية للمسلمين، كما دفعوا أيضًا نفقات بناء الأسطول الذى كان قد قصد به غزو قبرس.
ولم تنجح المفاوضات مع مصر، ذلك أن يلبغا لم يكن تواقا فى واقع الأمر إلى الصلح بل كان يدبر النزول فى قبرس بمعاونة أسطوله، إلا أن الاضطرابات التى وقعت على مصر حالت بينه وبين تنفيذ خطته، على أن ملك قبرس بدأ بالهجوم وأرسل أسطولا إلى سورية للاستيلاء على ميناء طرابلس ومدينة أياس فى جنوبى آسية الصغرى. واستطاع أسطوله أن ينزل إلى البر فرقا للغزو، بيد أنها أكرهت على الانسحاب لتفوق المسلمين، وكذلك كانت حال أسطول للفرنجة ظهر أمام الإسكندرية؛ وإنما انعقد الصلح فى مستهل سنة ٧٧٢ هـ (أغسطس سنة ١٣٧٠ م) وانتقم المصريون بعد ذلك من هذه الغارات الفرنجية بالانقضاض على مملكة إرمينية الصغيرة التى كانت حليفة لملك قبرس (٧٧٦ هـ = مستهل ١٣٧٤ م) وفتحوا مدينتى أياس وسيس وبقية المملكة وحمل ملك إرمينية أسيرًا إلى القاهرة، وضمت المملكة إلى ذلك المسلمين بصفة دائمة.
وثارت فتنة على يلبغا سنة ٧٦٨ هـ (١٣٦٧ م)، وذلك أن مماليكه لم يعودوا يحتملون خشونته وقسوته، وأراد المماليك أن يأسروه، إلا أنه تلقى