الرجز فى القصائد الطويلة، فقد كانوا يرونه لا يرقى إلى جلال الشعر، فاستخدموه أكثر ما استخدموه فى الأشعار المرتجلة. وفضلًا عن هذه البحور، عالج الشعراء، أحيانا، بحورا أخرى، ولكنها لم تصادف حظوة واعتبرت شذوذا. وقد تتضمن القافية عددا من المقاطع يبلغ الثلاثة، ولكل بيت فى القصيدة كلها نفس القافية، أما البيت الأول فينتهى كل شطر فيه بنفس القافية. ولم يكن معروفا إلا شكلا واحدا للشعر، هو القصيدة بقافيتها الواحدة ووزنها الواحد، ويتراوح طولها بين ثلاثين وبين مائة وعشرين بيتا، ولا يعرف تفسير مقنع لهذا الاسم "القصيدة". وتوجد أجزاء كثيرة من قصائد والراجح أنها لم تكن فى يوم ما أكثر من أجزاء. ولم يكن للقصيدة فى أول الأمر خطبة ثابتة سوى أنها كانت دائما، على وجه التقريب، تعبدًا بالوقوف على الأطلال التى كان الشاعر يتعرف عليها باعتبارها مشهدا للنسيب. وقد يتلو هذا وصف لناقته فى رحلة فى جوف الصحراء -الليل هو المفضل لمثل هذه الرحلة- أو وصف لصيد بقرة وحشية، أو، فى الواقع، أى شئ يختاره الشاعر. وكان ذكر بسالته الحربية أو بسالة قبيلته موضوعا شائعا مألوفا. ومن العسير فى كثير من الأحيان أن نقول إن القصيدة كان لها غرض ما، فالشاعر يتكلم لأنه يجب أن يتكلم. وبعد فترة من الزمن كانت القصيدة مقيدة بقواعد ثابتة. وكان التتابع المنتظم للموضوعات هو: المطلع الغزلى ووصف الناقة، والرحلة، وأخيرًا الموضوع الأساسى؛ كان فى الغالب مدحا فى أحد العظماء، وأملا فى نيل عطائه، وهنا يظهر وجهان للحياة: وجه غير جاد حيث يشرب الرجال ويقامرون بمالهم ويقدمون الهبات للفتاة التى تملأ أقداحهم وتغنى، ووجه جاد حيث ينفق شيخ القبيلة ماله فى إطعام المحتاجين، وبذلك يرفعون من سمعة قبائلهم فى الكرم, والجميع على أهبة لامتشاق الحسام دفاعا عن شرفهم، ولو أن العربى كان دائما مستعدا للقتال إلا أنه لم يكن من الضرورى أن يبادر فيلقى بيديه إلى التهلكة، وقد قال هذا دون استحياء. وكان الشعراء مولعين بالمواعظ الشائعة