على بطلان الحياة وإن الموت حق. والرأى العربى يعترف بأن الرثاء ضرب خاص من الفن ولكن دون تبرير كاف. فالشكل كان هو نفسه ولكنهم بسبب حذف المطلع الغزلى الذى كان يعد غير لائق بالرثاء اعتبروه ضربا خاصا من الفن، بينما موضوع القصيدة فى الرثاء باستثناء بكاء الميت والدعوة إلى الثأر (إذا كانت الميتة قتلا) يشبه إلى حد بعيد الموضوع فى أضرب الشعر الأخرى.
وها أكثر ما نظمت النساء مرثيات؛ وكان بعض الشاعرات شهيرات.
وكل بيت من الشعر وحدة كاملة بذاتها, ولهذا كان سلسلة من تعبيرات منعزلة عن بعضها، تراكمت ولكنها لا يمكن أن تكون مترابطة. والقصص المتصل والتأمل كلاهما بعيدان عنه. وهو شعر وصفى وفيه أفكار ولكن حاصلها حكم. والشاعر ينظر إلى الدنيا من خلال مجهر، فتسترعى انتباهه الخصائص الدقيقة للأماكن والحيوان، وتجعل شعره وصفا لطبقات الأرض وتشريحا منظوما مغلقًا يستعصى على الترجمة. وكان الكلام القوى هدفا للشاعر، وحاصله فى نظرنا نحن الغربيين غريب بل ممجوج. ومثال ذلك تشبيهه كان المرأة بالعنم وبالأسروع. وثمة صلة ضعيفة بين أبيات القصيدة أو أجزائها. والرابطة الوحيدة لوحدتها هى شخصية الشاعر. والحق إن الشاعر هو الأجدر من الشعر بالإعجاب فهو رجل طليق يستمتع بالحياة تمام الاستمتاع، ينظر إلى الأمور فى كثير من الأحيان نظرة خالية من الانفعال، ومع ذلك فهو حين تناديه شريعة شرفه مستعد لأن يخاطر بكل شئ من أجل صديق أو غريب طلب حمايته. ومن وراء كل هذا شبح دائم للجوع والموت؛ ولكن ذلك لا يعكر دائما صفو الحياة. ومعظم الشعراء الذين يوصفون بهذا الوصف كانوا بدوا، ولكن هناك غيرهم معروفين بأنهم كانوا من سكان المدن.
وهؤلاء كطبقة يختلفون عن طراز الشعراء البدويين، ويظهرون أمارات على معرفة بالكتب، ويفضلون أوزانا غير تلك المحببة للبدويين، وتتضمن